للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عبيد الله عند أبيه. فقال عبيد الله لأبى العيناء: شكوت دابّة محمد، وقد أخبرنى إنه ليشتريه منك الآن بمائة دينار، وما هذا ثمنه فلا يشتكى. فقال: أعزّ الله الوزير لو لم أكذب مستزيدا، لم أنصرف مستفيدا. وإنى وإياه لكما قالت امرأة العزيز:

(الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين) . فضحك عبيد الله وقال: حجّتك الداحضة، بملاحتك وظرفك أبلغ من حجة غيرك البالغة. ودخل أبو العيناء على أبى الصّقر وكان قد تأخّر عنه، فقال: ما أخّرك عنا؟ قال: سرق حمارى.

قال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك. قال: فلم لم تأت على غيره؟

قال: أبعدنى عن الشراء قلّة يسارى، وكرهت ذلّة المكارى، ومنّة العوارى. قال:

وصار يوما الى باب صاعد بن مخلد، فقيل له: هو مشغول يصلّى؛ فقال: لكلّ جديد لذّة. وكان صاعد نصرانيّا قبل الوزارة. وقال له صاعد يوما: ما الذى أخّرك عنّا؟

قال: بنتى. قال: وكيف؟ قال: قالت لى: يا أبت، قد كنت تغدو من عندنا فتأتى بالخلعة السّريّة، والجائزة السنيّة، ثم أنت الآن تغدو مسدفا، وترجع معتما، فإلى من؟

قلت: إلى أبى العلاء ذى الدرايتين. قالت: أيعطيك؟ قلت: لا، قالت: أفيشفّعك؟

قلت: لا. قالت: أيرفع مجلسك؟ قلت: لا. قالت: يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا!.

وقال له رجل من بنى هاشم: بلغنى أنك بغّاء. قال: ولم أنكرت ذلك مع قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مولى القوم منهم» ؟ قال: إنك دعىّ فينا.

قال: بغائى صحّح نسبى فيكم. وسأل أبو العيناء الجاحظ كتابا الى محمد بن عبد الملك فى شفاعة لصاحب له؛ فكتب الكتاب وناوله الرجل؛ فعاد به الى أبى العيناء وقال:

قد أسعف. قال: فهل قرأته؟ قال: لا، لأنه مختوم. قال: ويحك! فضّه لا يكون صحيفة المتلمّس. ففضّه فاذا فيه: موصّل كتابى سألنى فيه أبو العيناء، وقد عرفت