للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما اتصل بعلومنا الشريفة أن بالمملكة الطرابلسية آثار سوء ليست فى غيرها ومواطن [١٠٧] فسق لا يقدر غيرنا على دفع ضررها وضيرها، ومظان آثام يجد الشيطان فيها مجالا فسيحا، وقوى لا يوجد بها من [١] كان إسلامه مقبولا ولا من كان دينه [١] صحيحا، وخمورا يتظاهر بها، ويتّصل سبب الكبائر بسببها، وتشاع فى الخلائق تجاهرا وتشاع على رءوس الأشهاد فلا يوجد لهذا المنكر منكرا، ويحتج فى ذلك [٢] بمقررات سحت لا تجدى نفعا، وتبقى بين يدي آخذها كأنها حية تسعى [٢] .

ومما أنهى إلينا أن بها حانة عبّر عنها بالأفراح قد تطاير شررها، وتفاقم ضررها، وجوهر فيها بالمعاصى وآذنت- لولا حلم الله وإمهاله- بزلزلة الصياصى [٣] وغدت لأولى الأهوية [٤] مجمعا، ولذوى الفساد مربعا ومرتعا، يتظاهر فيها بما أمر بستره من القاذورات، ويؤتى ما يجب تجنبه من المحذورات، ويسترسل فى الانشراح فيها إلى ما يؤدى إلى غضب الجبار وتتهافت النفوس بها كالفراش على الاقتحام فى النار.

ومنها أن السجون إذا سجن بها أحد يجمع عليه بين السجن وبين الطلب وإذا أفرج عنه ولو فى يومه- انقلب إلى أهله من الخسارة أسوأ [٥] منقلب، فهو لا يجد سرورا بفرجه ولا يحمد [٦] عقبى مخرجه.

ومنها أن بالأطراف القاصية من هذه المملكة قرى سكانها يعرفون بالنّصيريّة لم يلج الإسلام لهم قلبا ولا خالط لهم لبّا، ولا أظهروا له بينهم [٧] شعارا، ولا أقاموا له منارا، بل يخالفون أحكامه، ويجهلون حلاله وحرامه، ويخلطون ذبائحهم بذبائح المسلمين، ومقابرهم بمقابر أهل الدين، وكل ذلك


[١- ١] ما بين الحاصرتين من ملحق السلوك ٢: ٩٣٩.
[٢- ٢] ما بين الحاصرتين من ملحق السلوك ٢: ٩٣٩.
[٣] الصياصى: الحصون وكل ما يمتنع به (محيط المحيط) .
[٤] المراد: أولى الأهواء.
[٥] كذا فى ك، وف. وفى ص «سوء» .
[٦] فى ك «لا يجد» والمثبت من ص، وف.
[٧] فى الأصول «لهم بينه شعارا» والمثبت من ملحق السلوك ٢: ٩٣٩.