للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الله تعالى منذ ملكنا أمور خلقه، وبسط قدرتنا فى التصرف فى عباده، والمطالبة بحقه، وفوّض إلينا القيام بنصرة دينه، وفهّمنا أنه تعالى قبض قبل خلق الخلائق قبضتين فرغبنا أن نكون من قبضة يمينه، وألقى إلينا مقاليد المماليك، وأقام [١] الحجة علينا بتمكين البسطة [١] وعدم التشاقق فى ذلك ومهّد لنا من الخير ما على غيرنا توعّر، وأعد [٢] لنا من النصر ما أجرانا فيه على عوائد لطفه، لا عن مرح فى الأرض ولا عن خدّ مصعر وألهمنا إعلاء كلمة الإسلام، وإعزاز الحلال وإذلال الحرام، وأن تكون كلمة الله هى العليا وأن لا نختار علي الدار الآخرة دار الدنيا، وأن ندور مع الحقّ حيث دار، ونرغب عن هذه الدار بما أعدّه الله من جنّاته فى تلك الدار، فلم نزل [٣] نقيم للدين شعارا ونعفى المنكر [٤] ونعلن فى النصيحة لله ورسوله ونسرّ إسرارا، ونتتبع أثر منكر نعفّيه، وممطول بحقه نوفّيه ومعلم قربه نشيّده [٥] ومخذولا استظهر عليه الباطل نؤيّده، وذا كربة نفرّجها وغريبة فحشاء استطردت بين أدواء الحيل نخرجها وميتة سيئة تستعظم النفوس زوالها فنجعلها هباء منثورا، وجملة عظيمة أسست على غير التقوى مبانيها فيحطمها كرمنا إذا الجزاء عنها كان موفورا.

فآستقصينا ذلك فى ممالكنا الشريفة مملكة مملكة واستطردنا فى إبطال كل فاحشة موبقة مهلكة، فعفّينا من ذلك بالديار المصرية ما شاع خبره، وظهر بين الأنام أثره، وطبّقت محاسنه الآفاق ولهجت به ألسنة الرعايا والرفاق، من مكوس أبطلناها، وجهات سوء عطّلناها، ومظالم رددناها إلى أهلها، وظلمة زجرناها عن ظلمها وغيها وبواق تسامحنا بها وسمحنا وطلبات خففنا عن العباد بتركها وأرحنا، ومعروفا أقمنا دعائمه وبيوتا لله عزّ وجلّ آثرنا منها كل نائية، ثم بثثنا ذلك فى سائر الممالك الشامية المحروسة، وجنينا ثمرات النصر من شجرات العدل التى هى بيد يقظتنا مغروسة» .


[١- ١] ما بين الرقمين مضطرب فى الأصول. والمثبت من السلوك ٢/٩٣٨ ملحق.
[٢] كذا فى ك، وف. وفى ص «وأعز» .
[٣] فى الأصول فلم يزل يقيم» والمثبت يستقيم مع السياق.
[٤] فى ك «ونصفى» والمثبت من ص، وف.
[٥] وفى السلوك ٢: ٩٣٨- ملحق «ويعلم حق قرية يشيده» .