للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة، فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين، كما قتلوا مرّة الحجّاج وألقوهم فى بئر زمزم وأخذوا مرّة الحجر الأسود فبقى عندهم مدّة، وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم وأمرائهم وجندهم ما لا يحصى عدده إلا الله تعالى [١] وصنفوا كتبا كثيرة بها ما ذكره السائل وغيره وصنف علماء المسلمين كتبا فى كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وبينوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة، والإلحاد الذى هم فيه أكبر من اليهود والنصارى، ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام، وما ذكره السائل فى وصفهم قليل من الكثير الذى يعرفه العلماء فى وصفهم.

ومن المعلوم عندهم أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم، وهم دائما مع كل عدوّ للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم [٢] فتح المسلمين للسواحل وانقهار النصارى؛ بل ومن أعظم المصائب عندهم [٢] انتصار المسلمين على التتار ومن أعظم أعيادهم إذا استولى- والعياذ بالله تعالى- النصارى على ثغور المسلمين، فإن ثغور المسلمين ما زالت بأيدى المسلمين حتى جزيرة قبرص يسّر الله فتحها من حين فتحها المسلمون فى ولاة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه، فتحها معاوية بن أبى سفيان، ولم تزل تحت حكم المسلمين إلى أثناء المائة الرابعة فإن هؤلاء المحاربين لله ورسوله كثروا بالسواحل وغيرها، فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره، فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب فى ذلك. ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين فى سبيل الله تعالى؛ كنور الدين الشهيد وصلاح الدين وأتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى وممن كان بها منهم، وفتحوا أيضا أرض مصر، فإنهم [٣] كانوا مستولين عليها نحو مائتى سنة، واتفقوا هم والنصارى فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية.


[١] إضافة من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٠.
[٢- ٢] ما بين الرقمين إضافة من الفتاوى ٣٥: ١٥١.
[٣] الضمير هنا يعود على الفاطميين ودولتهم فى مصر (السلوك- هامش الدكتور زيادة ٢/٩٤٦) .