للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ساحل البحر خشية قصد الفرنج أكبر أم هذا أكثر أجرا؟ وهل يجب على من عرف المذكورين ومذاهبهم أن يشهّر أمرهم ويساعد على إبطال باطلهم، وإظهار الإسلام بينهم فلعل الله تعالى أن يهدى بعضهم إلى الإسلام، وأن يجعل من ذريتهم وأولادهم ناسا مسلمين بعد خروجهم من ذلك الكفر العظيم، أم يجوز التغافل عنهم والإهمال؟ وما قدر أجر المجتهد على ذلك والمجاهد فيه، والمرابط له والعازم عليه؟ وليبسطوا القول فى ذلك مثابين مأجورين إن شاء الله تعالى إنه على كل شئ قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فآجاب الشيخ تقى الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحّرانى عن هذه الفتيا.

الحمد لله رب العالمين، هؤلاء القوم المسمون بالنصرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمّة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين، مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالاة أهل البيت، وهم فى الحقيقة لا يؤمنون بالله، ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا بنهى، ولا ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار، ولا بأحد من المرسلين [١] قبل محمد صلى الله عليه وسلم ولا بملة من الملل السالفه، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند [علماء] [٢] المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها يدّعون أنها علم الباطن، من جنس ما ذكره السائل ومن غير هذا الجنس، وأنهم ليس لهم حدّ محدود مما يدّعونه من الإلحاد فى أسماء الله وآياته وتحريف كلام الله ورسوله عن مواضعه، ومقصودهم إنكار الإيمان وشرائح الإسلام بكل طريق، مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس ما ذكره السائل؛ من جنس قولهم: إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم، و «الصيام المفروض» كتم أسرارهم، و «حج البيت العتيق» زيارة شيوخهم وإن [٣] «يدا أبى لهب» هما أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وإن النبأ العظيم والإمام المبين على بن أبى طالب رضى الله عنه، ولهم فى معاداة


[١] فى ك «المسلمين» والمثبت من ص، وف، ومجموع الفتاوى.
[٢] إضافة من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٤٩.
[٣] «إن يدا أبى لهب» برفع يدى على الحكاية. أى حكاية وما ورد فى القرآن.