للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم تارة يبنون قولهم على مذاهب الفلاسفة الطبيعيين والإلهيين، وتارة يبنونه على قول المجوس الذين يعبدون النّور [١] ويضمون إلى ذلك الرفض، ويحتجون لذلك من كلام النبوات، إما بقول مكذوب ينقلونه؛ كما ينقلون [٢]

عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول ما خلق الله العقل

. والحديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، ولفظه أن الله لما خلق العقل قال، له أقبل فقال، له أدبر. فأدبر، فيحرفون لفظه ويقولون أول ما خلق الله العقل ليوافق قول المتفلسفة اتباع أرسطو فى أن [٣] أول الصادرات [٤] عن واجب الوجود هو العقل، وإمّا بلفظ أنابت عن النبى صلى الله عليه وسلم فيحرفونه عن مواضعه كما يصنع أصحاب رسائل إخوان الصفا ونحوهم، فإنهم من أئمتهم، وقد دخل كثير من باطلهم على كثير من المسلمين، وراج عليهم حتى صار ذلك فى كتب طوائف من المنتسبين إلى العلم والدين وإن كانوا لا يوافقونهم على أصل كفرهم؛ فإن هؤلاء لهم إظهار دعوتهم الملعونة التى يسمونها [٥] الدعوة الهادية. وهى درجات متعددة، ويسمون النهاية البلاغ الأكبر والناموس الأعظم ومضمون البلاغ الأكبر جحد الخالق تعالى، والاستهزاء به وبمن يقّر به حتى قد يكتب أحدهم اسم الله فى أسفل رجله، وفيه أيضا جحد شرايعة ودينه وما جاء به الأنبياء، ودعوى أنهم كانوا من جنسهم طالبين للرئاسة فمنهم من أحسن فى طلبها ومنهم من أساء فى طلبها حتى قتل. ويجعلون محمدا وموسى من القسم الأول، ويجعلون المسيح من القسم الثانى، وفيه من الاستهزاء بالصلاة والزكاة، والصوم والحج وتحليل نكاح ذوى المحارم وسائر الفواحش ما يطول شرحه.

ولهم إشارات ومخاطبات يعرف بها بعضهم بعضا، وهم إذا كانوا فى بلاد المسلمين التى يكون [٦] فيها أهل الإيمان فقد يخفون على من لا يعرفهم وأما إذا كثروا فإنه يعرفهم عامة الناس فضلا عن خاصتهم.


[١] فى الأصول «التورية» وفى السلوك- ملحق- «التوراة» والمثبت من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٣.
[٢] فى ك «يتلقونه كما يتلقون، والمثبت من ص، وف، والمرجع السابق.
[٣] لفظ «أن» من ص، والسلوك- ملحق- ٢: ٩٤٧. ومجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٣.
[٤] فى ك «المصادرات» والمثبت من ص والمرجعين السابقين.
[٥] ما بين الحاصرتين إضافة من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٣.
[٦] كذا فى الأصول. وفى مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٤ «يكثر فيها» .