للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء لا يجوز مناكحتهم ولا يجوز أن ينكح الرجل مولاته منهم، ولا يتزوج منهم امرأة، ولا تباح ذبائحهم.

وأما الجبن المعمول بأنفحتهم ففيه قولان مشهوران للعلماء كسائر أنفحة الميتة، وكأنفحة ذبيحة المجوس، وذبيحة الفرنج، الذين يقال عنهم إنهم لا يذكون الذبائح، فذهب أبو حنيفة، وأحمد فى إحدى الروايتين أنه يحل هذا الجبن، لأن أنفحة الميتة طاهرة على هذا القول، لأن الأنفحة لا تموت بموت البهيمة، وملاقاة الوعاء النجس فى الباطن لا ينجس، ومذهب مالك والشافعى، وأحمد فى الرواية الأخرى: أن هذا الجبن نجس؛ لأن الأنفحة عند هؤلاء نجسة، لأن لبن أنفحتها عندهم نجس، ومن لا تؤكل ذبيحته فذبيحته كالميتة. وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة فأصحاب القول الأول نقلوا أنهم إنما أكلوا جبن المجوس وأصحاب القول الثانى نقلوا أنهم إنما أكلوا ما كانوا يظنون أنه من جبن النصارى فهذه مسألة اجتهاد للمقلد أن يقلد من يفتى بأحد القولين.

وأما أوانيهم وملابسهم فكأوانى المجوس وملابس المجوس على ما عرف من مذاهب الأئمة والصحيح فى ذلك أن أوانيهم لا تستعمل إلا بعد غسلها فإن ذبائحهم ميتة فلا بد أن يصيب أوانيهم [١١٢] المستعملة ما يطبخونه من ذبائحهم فيتنجس بذلك. فأما الآنية التى لا يغلب على الظن وصول النجاسة إليها فتستعمل من غير غسل كآنية اللبن التى لا يضعون فيها طبيخهم أو يغسلونها قبل وضع اللبن فيها، (وقد توضأ عمر بن الخطاب) [١] رضى الله عنه من جرة نصرانية فما شك فى نجاسته ولم يحكم بنجاسته بالشك ولا يجوز دفنهم بين [٢] مقابر المسلمين ولا يصلى على من مات منهم؛ فإن الله تعالى نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين كعبد الله بن أبىّ ونحوه وكانوا يتظاهرون بالصلاة والزكاة والصيام، والجهاد مع المسلمين ولا يظهرون مقالة تخالف دين المسلمين، لكن يسرون ذلك فقال الله تعالى وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ

[٣] فكيف بهؤلاء الذين هم مع الزندقة والنفاق يظهرون الكفر والإلحاد؟


[١] الإضافة من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٤.
[٢] كذا فى الأصول. وفى مجموع الفتاوى «فى» .
[٣] سورة التوبة الآية ٨٤.