للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما استخدام مثل هؤلاء فى ثغور المسلمين أو حصونهم أو جندهم فإنه من الكبائر، وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعى الغنم فإنهم من أغش [١] الناس للمسلمين ولولاة أمورهم، وهم أحرص الناس على فساد المملكة والدولة وهم شر من المخامر الذى يكون فى العسكر، فإن المخامر قد يكون له غرض، إما مع أمير العسكر وإما مع العدو وهؤلاء لهم غرض مع الملة ونبيها ودينها وملوكها وعلمائها وعامتها، وخاصتها، وهم أحرص الناس على تسليم الحصون إلى عدو المسلمين وعلى إفساد الجند على ولى الأمر وإخراجهم عن طاعته.

ويجب على ولاة الأمور قطعهم من دواوين المعاملة، ولا يتركون فى ثغر ولا فى غير ثغر، وضررهم فى الثغور أشدّ. وأن يستخدموا بدلهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام، وعلى النّصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل إذا كان ولّى الأمر لا يستخدم من يغشّه وإن كان مسلما، فكيف يستخدم من يغشه ويغش المسلمين كلهم؟! ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه، بل أى وقت قدر على الاستبدال بهم وجب عليه ذلك.

وإما إذا استخدموا وعملوا العمل المشروط عليهم فلهم إما المسمى وأما أجرة المثل، لأنهم عوقدوا على ذلك، فإن كان العقد صحيحا وجب المسمى، وإن كان فاسدا وجب أجرة المثل، وإن لم يكن استخدامهم من جنس الإجازة فهو من جنس الجعالة الجائزة، لكن هؤلاء لا يجوز استخدامهم فالعقد عقد فاسد فلا يستحقون الا قيمة عملهم، فإن لم يكونوا عملوا عملا له قيمة فلا شئ لهم، لكن دماؤهم [٢] مباحة وكذلك أموالهم إذا لم يكن لهم ورثة من المسلمين وإن كان لهم ورثة من المسلمين فقد يقال إنهم بمنزلة المرتدين، والمرتد هل يكون ماله لورثته المسلمين؟ فيه نزاع مشهور. وقد يقال إنهم بمنزلة المنافقين، والمنافقون يرثهم ورثتهم المسلمون فى أصح القولين لكن هؤلاء المسئول عنهم لا يكاد يكون لهم وارث من المسلمين [٢] وإذا أظهروا التوبة ففى قبولها منهم نزاع بين العلماء فمن قبل توبتهم إذا التزموا شريعة الإسلام أقر أموالهم عليهم.


[١] فى ك «أغر» والمثبت من ص، وملحق السلوك ٢: ٩٤٩، ومجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٥.
[٢- ٢] ما بين الرقمين سقط من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٧.