للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن لم يقبلها لم تنقل إلى [١] ورثتهم من [٢] جنسهم، فإن مالهم يكون فيأ لبيت المال، لكن هؤلاء إذا أخذوا فإنهم يظهرون التوبة إذ أصل مذهبهم التقية وكتمان أمرهم، وفيهم من يعرف ومن قد لا يعرف. فالطريق فى ذلك أن يحتاط فى أمرهم، ولا يتركون مجتمعين، ولا يمكّنون من حمل السلاح، ولا أن يكونوا من المقاتلة، ويلزمون بشرايع الإسلام من الصلوات الخمس وقراءة القرآن ويترك بينهم من يعلّمهم دين الإسلام، ويحال بينهم وبين معلّميهم، فإن أبا بكر الصديق رضى الله عنه وسائر الصحابة لما ظهروا على أهل الرّدّة وجاءوا إليه قال لهم الصديق. اختاروا منّى إما الحرب المجلية وأما السلم المخزية؟ قالوا يا خليفة رسول الله هذه الحرب المجلية قد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال تدون قتلانا ولا ندى قتلاكم، وتشهدون أن قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار ونغنم [٣] ما أصبنا من أموالكم وتردّون ما أصبتم من أموالنا، وننزع منكم الحلقة والسلاح وتمنعون من ركوب الخيل، وتتركون تتبعون أذناب الإبل، حتى يرى الله خليفة رسوله والمؤمنين أمرا يعذرونكم به فوافقه الصحابه فى ذلك إلا في تضمين قتلى المسلمين، فإن عمر بن الخطاب رضى الله قال: هؤلاء قتلوا فى سبيل الله وأجورهم على الله؛ يعنى هم شهداء فلادية لهم فاتفقوا على قول عمر فى ذلك.

وهذا الذى اتفق الصحابة عليه هو مذهب أئمة العلماء، الذى تنازعوا فيه تنازع [١١٣] فيه العلماء فذهب أكثرهم أن من قتله المرتدون المجتمعون المحاربون لا يضمن كما اتفقوا عليه آخر، وهو مذهب أبى حنيفه وأحمد فى إحدى الروايتين، ومذهب الشافعى وأحمد فى الرواية الأخرى: هو القول الأول.

فهذا الذى فعله الصحابة، فأولئك المرتدين [٤] بعد عودهم إلى الإسلام يفعل بمن أظهر الإسلام والتهمة ظاهرة فيه فيمنع من أن يكون من أهل الخيل


[١] ما بين الحاصرتين من مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٧.
[٢] فى الأصول «فمن» والمثبت من ملحق السلوك ٢: ٩٤٩، ومجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٧.
[٣] كذا فى الأصول. وفى المرجع السابق «ونقسم» .
[٤] فى ك «فأولئك المرتدون» والمثبت من ص، وف. وفى مجموع الفتاوى ٣٥: ١٥٨ «بعد ردتهم» .