للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتفق فى هذه السنة وصول ركب من العراق وفيه جماعة من التتار صحبه ثلاثة من أكابر مقدميهم فلما علموا بوصول ركاب السلطان أخفوا أنفسهم خشيه أن يقبض عليهم فاطلع السلطان على ذلك فأمر بإحضارهم فحضروا بين يديه فأحسن إليهم وأنعم عليهم، وشملهم بالخلع السنية بالكلاوت الزركش ومكنهم من العود إلى بلادهم.

ولما قضى السلطان مناسك حجه ولم يبق إلا عوده تسحب ثلاثة من مماليك الأمراء الخاصكية مملو كان من مماليك الأمير سيف الدين طقز دمر [١] مملوكا من مماليك الأمير سيف الدين بكتمر الساقى [٢] ، والتحقوا بالأمير عز [٣] الدين حميضة فظن السلطان أنهم انضموا إلى التتار فسار إلى مقدميهم وأمرهم بالكشف عنهم فقام المشار إليه من مقدميهم الثلاثة وأحضر من معه، فلم يجدهم معهم، وأقسموا على ذلك، ثم تحقق السلطان وهو بالمدينة النبوية أنهم التحقوا بحميضة وكان من خبرهم ما نذكره.

ولما عاد السلطان من الحجاز الشريف تبعه جماعة من المشاة، فكان السلطان يسوق فى آخر الناس فإذا مر فى طريقه بمن انقطع منهم وعجز عن المشى يقف عنده ويحدثه ولا يفارق مكانه إلى أن يستصحبه معه، فإذا علم ذلك الرجل أنه السلطان انبعثت نفسه ونهض ومن عجز منهم عن المشى أمر بحمله ففعل ذلك حتى حمل على جميع ما معه من الظهر الذى يمكن الحمل عليه ثم مر بعد ذلك بمن عجز عن المشى فتحدث معه على عادته وأمره بالقيام فقال لا أقدر على ذلك فقيل له إن السلطان يحدثك، فقال قد علمت أنه السلطان ولكن على والله لا أستطيع المشى فأمر بحمله، فقيل له إن الظهر قد حمل عليه، فأمر بطرح ما فى المحاير من الطين والخضراوات والبقولات


[١] هو الأمير سيف الدين طقز دمر (طقز تمر) بن عبد الله الحموى الناصرى الساقى، وأصله من مماليك الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل الأيوبى صاحب حماة، ثم انتقل إلى ملك الناصر محمد بن قلاوون وحظى عنده ورقاه حتى صار أمير مائة ومقدم ألف وزوجه ابنته وصار من عظماء الدولة وتوفى سنة ٧٤٦ هـ (أنظر ابن حجر الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٢٥، وكذلك) (النجوم الزاهرة ٩: ١٤٢ هامش.
[٢] هو بكتمر بن عبد الله الركنى الساقى الناصرى، توفى سنة ٧٣٣ هـ فى عوده من الحجاز صحبة أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون (ابن حجر: الدرر الكامنة ٢: ١٩ ابن تغرى بردى النجوم الزاهرة ٩: ٣٠٠، ابن العماد الحنبلى: شذرات الذهب ٦: ١٠٤) .
[٣] فى ك «علاء الدين» وما أثبته من ص، وف.