للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثوقا بضمان سيد المرسلين، وعلى ممزّق جموع الكفر وجامع شمل المسلمين، صلاة باقية مستمرة إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

وبعد: فإن الله تعالى لما أقامنا لنصرة الإسلام وأهله، وصرفنا فى عقد كل أمر وحلّه، وأيّدنا بنصره وعصمنا بحبله، لم نزل نعلى كلمة الإيمان، ونظهر شعائر الإسلام فى كل مكان، ونقف عند الأوامر الشرعية، لتكون كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هى العليا، وكان جماعة من مفسدى النصارى قد تعدوا وطمعوا، وتمادوا فى المخالفة إلى ما يقتضى نقض العهود، وبغوا، وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً

فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً

، وتعرضوا لرمى نيران أطفأها الله بفضله، ومكروا مكرا سيئا، وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ

اقتضى رأينا الشريف أن نأخذهم بالشرع الشريف فى كل قضية، ونجدد عليهم العهود العمرية، وأن يقرر على من شمله عفونا ممن ضعف منهم ضعف الجزية ما تكون به أنفسهم تحت سيوفنا مرتهنة، ونضرب عليهم فى لباسهم وحرماتهم الذّلة والمسكنة، فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى السلطانى الملكى الناصرى، لا يزال ناصر الدين بجوده [وعدله] [١] ، مظهر دين الحنيفية على الدين كلّه، أن تستقر الجزية على سائر النصارى بالوجه القبلى ضعف ما عليهم الآن، فيؤخذ من كل نصرانى ماليّتان: المستقرة أولا واحدة، والزيادة نظير ذلك، للخاص الشريف، مهما كان مستقرّا بسائر النواحى فى الوجه القبلى فى الإقطاع حسب ما قررت فى الرّوك المبارك الناصرى، يكون للمقطعين، والزيادة الثانية المضاعفة الآن تكون للخاص الشريف، وأن يلبس سائر النصارى عمائم زرقاء، وثيابا [٢] زرقا، ويشدوا الزنّار [٣] فى أوساطهم، وألا يستخدم أحد من النصارى فى جهة من الجهات الديوانية، والأشغال السلطانية، وكذلك لا يستخدم أحد من الأمراء أحدا من النصارى عنده، وأن يبطلوا جميعهم من الجهات التى كانوا يخدمون بها، والحذر ثم الحذر من أن أحدا منهم يخرج عما رسمنا به، ومن فعل ذلك منهم


[١] ما بين الحاصرتين سقط من «ك» ، وما أثبتناه من «أ» ص ١٧.
[٢] فى «أ» ص ١٨ وجبابا.
[٣] الزنّار: حزام يشده النصرانى على وسطه، ثم صار فى الإسلام علامة مميزة لهم.