للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت روحه قبالة ذلك، ولا ينفعه بعدها فدية ولا جزية، ويحسم مادة فسادهم، وينكشف بذلك ما أظهروه من سوء اعتمادهم، فليثبت [حكم] [١] هذا المرسوم الشريف، وليدخل تحت أمره المطاع كل قوى وضعيف، وليستقر ضرب هذه الجزية استقرارا بلا زوال، مستمرّا بدوام الأيام والليال [٢] ، باقية بدوام الأعوام والسنين، مخلّدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فإنها حسنة ساقها الله تعالى لدولتنا الشريفة ومثوبة، وذخيرة صالحة لم تزل فى صحائفنا الطاهرة مكتوبة، ومعدلة نشرها الله تعالى على يدينا فى الآفاق، وأجر يكون ثوابه عند الله باق، وسبيل كل واقف عليه- واليا ونائبا، وحاضرا وغائبا، وناهيا وآمرا، وشادّا وناظرا، ومأمورا وأميرا، وكبيرا/ وصغيرا- الانتهاء عند هذا التحذير، فيبادرون إلى امتثال هذا المرسوم الشريف ويسمعونه، ويسارعون إلى العمل بما فيه وينفذونه، ويقفون عند حكمه ويمتثلونه، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ

، والله تعالى يعلى منار الإسلام ويزيده قوة وإظهارا، ويجعل الدائرة على أعداء الدين، ولا يذر على الأرض من الكافرين ديّارا، يعدّ الخط الشريف أعلاه حجة بمقتضاه، وكتب فى سابع عشرين جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة حسب الأمر الشريف [٣] .

ولما برز هذا المثال، وغيره من الأمثلة، لم ينفذ حكمها، ولا طولب نصرانى بزيادة، ومنع النصارى من المباشرات أياما قلائل، وأسلم بعض كتّاب الأمراء، فاستقروا على وظائفهم، ثم استقر سائر المباشرين من النصارى على مباشراتهم، وذلك أن كريم الدين الناظر أنهى إلى السلطان أن جماعة منهم فى الأشغال السلطانية، ومتى صرفوا قبل انتهاء السنة فسدت الأحوال، وتعطلت المصالح، وسأل أن يستمرّوا بقية هذه السنة، وينفصلوا بعد رفع الحساب، ووافقه السلطان على ذلك، وتدافعت الأيام فاستمروا.

ولما رسم فى حقهم بما رسم، ونودى بما تقدم ذكره، كفّ عوام المسلمين أيديهم عن النصارى، وظهروا بعد استتارهم، وكان عوامّ المسلمين فى هذه


[١] ما بين الحاصرتين سقط من «ك» ، وأثبتناه من «أ» ص ١٨.
[٢] فى «ك» (بدوام الليالى والأيام) وما أثبتناه من «أ» ص ١٨، وهو أولى لتصح السجعة.
[٣] هذا المرسوم أورده محقق كتاب «السلوك لمعرفة دول الملوك «وأثبته كاملا بنصه نقلا عن النويرى هنا، وجعله الملحق الثالث من ملاحق الجزء الثانى، فى الصفحات من (٩٥٩- ٩٦٢) طبعة سنة ١٩٥٨.