فى منصب، وإنما بلغ بى مجالستك ومؤاكلتك عقلى، وأنا أكره أن أدخل عليه ما ينقصه. فأعجبه كلامه وأعفاه.
وقال الحسن: لو كان العقل عرضا لتغالى الناس في ثمنه؛ فالعجب لمن يشترى بماله شيئا ليشربه فيذهب عقله!.
وقال الوليد بن عبد الملك للحجاج بن يوسف في وفدة وفدها عليه وقد أكلا:
هل لك في الشراب؟ قال: يا أمير المؤمنين، ليس بحرام ما أحللت، ولكن أمنع أهل عملى، وأكره أن أخالف قول العبد «١» الصالح وهو قوله تعالى: (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) .
وقالوا: للنبيذ حدّان، حدّ لا همّ معه، وحدّ لا عقل معه؛ فعليك بالأوّل واتقّ الثانى.
ومن آفات الخمر افتضاح شاربها بريحها عند من يحتشم منه ويتّقيه ويخافه فلا يستطيع مع وجود ريحها إنكار شربها. والولاة تحدّ بالاستنكاه؛ لأن خمارها يثبت في الفم اليوم واليومين بعد تركها. فمن شربها ساعة وهو يحتشم من الناس أن يظهر ذلك عليه احتاج الى الانقطاع في بيته بعد زوال السكر وأوبة العقل حتى تزول الرائحة. وقد تحايل الذين يشربون الخمر على قطع ريحها من الفم وعالجوا ذلك بأدوية صنعوها يستعملونها بعد شربها. فأجود ما صنعوه من هذه الأدوية أن يؤخذ من المرّ والبسباسة «٢» والسّعد «٣» والجناح «٤» والقرنفل أجزاء متساوية وجزءان من الصمغ، ويدقّ