للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقر الأمر بتهامة للمنصور بن فاتك وعبيد أبيه، فمن أولاد فاتك الأمراء ومن عبيده الوزراء، فأما الأمراء فمنهم [المنصور بن فاتك، ثم فاتك بن المنصور [١]] وهو ابن الحرّة الصالحة الحاجة.

ثم مات فاتك بن منصور، فانتقل الأمر إلى ابن عمه، واسمه أيضا الفاتك ابن محمد بن منصور بن فاتك بن جياش فى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وقتله عبيده فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وعنهم زالت الدولة إلى على بن مهدى الخارج باليمن فى شهر رجب سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ولم يكن لأولاد فاتك/ (١١٨) بن جيّاش من الأمر شىء سوى النّواميس الظاهرة، من الخطبة لهم، بعد بنى العباس، والسكة، والركوب بالمظلّة فى أيام الموسم، وعقد الآراء فى مجالسهم [٢] ، وما عدا ذلك من الأمر والنهى والتدبير وإقامة الحدود، وإجازة الوفود، فلعبيدهم الوزراء، وهم عبيد فاتك بن جياش، وعبيد منصور ابنه.

وأول من وزر منهم أنيس الفاتكى، وكان من بطن فى الحبشة يقال لهم الجرليون [٣] ، وملوك بنى نجاح من هذا البطن، وكان أنيس هذا جبارا غشوما مهوبا [٤] ، وبنى قصورا عظيمة، ولما اشتدت شوكته عزم على قتل مولاه المنصور بن فاتك، وتهيأ للاستقلال بالملك، فبدره [٥] ابن مولاه، بأن عمل وليمة واستدعاه، فقطع رأسه واستصفى أمواله. ووزر بعده الشيخ أبو منصور منّ الله الفاتكى، وكان كريما شجاعا، وله وقعات مشهورة فى العرب، ومآثر مذكورة، ولما وزر لمنصور بن فاتك بن جياش فى سنة تسع عشرة وخمسمائة لم يقدم شيئا على قتل منصور ابن مولاه بالسم، وملّك ابنه فاتك بن منصور، وهو طفل صغير، ثم تعرض إلى حريم مولاه، فيقال: إن منصور بن فاتك وأباه فاتك ابن جياش، وغيرهما من آل نجاح، ماتوا عن أكثر من ألف سرّية، ما منهن واحدة سلمت من الوزير «منّ الله» إلا عشرة نساء من حظايا منصور بن فاتك


[١] ما بين الحاصرتين سقط من «ك» ، والزيادة من «أ» ص ١١٧.
[٢] فى «أ» ص ١١٨ «محالهم» .
[٣] فى مختصر المفيد فى أخبار زبيد ص ٩٧ «السحرتيون» .
[٤] فى المصدر السابق «غشوما متهورا» .
[٥] يقال: بدره بالشىء إذا عاجله به.