للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو من بطن من الحبشة يقال لهم «سحرت» ، وكان يكنى بولده منصور، وكان منصور هذا من الأعيان أهل الخبرة والفقه والأدب والصباحة والسماحة والشجاعة والرئاسة الكاملة، وكان مفلح ينبز فى صغره «بالبغل» ، وكان يقال: «مفلح البغل» ولا يغضب من ذلك، وكان عفيفا لم تعلم له صبوة فى صغر ولا كبر، ولما عظم شأنه فى الوزارة ثقل على أهل الدولة، فتحيّل فى إخراجه، فأخرج من الوزارة، وكانت له حروب مع سرور الفاتكى، ثم مات فى سنة سبع [١] وعشرين وخمسمائة.

وكان لمنصور ابنه مع العساكر حروب، ثم خذله أصحابه وتفلّلوا [٢] عنه، فاستأمن إلى القائد «سرور» ودخل معه إلى زبيد، والوزير يومئذ «إقبال» الفاتكى، فخلع على منصور، وأنزله فى دار أبيه، ثم قبض عليه من الغد، وقتل فى دار الوزير «إقبال» ، فأنكر الملك فاتك ذلك، وهمّ بإقبال، ثم أبقاه على دخن، فتلطف إقبال، حتى سقى مولاه فاتكا السم، فمات فاتك بن منصور فى شعبان سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

ومنهم القائد «أبو محمد سرور الفاتكى» وجنسه من الحبشة «أمحرة» ، وكانت له مآثر وصدقات وصلات/ (١٢١) يطول الشرح بذكرها. وكان كثير الصلاة والعبادة والخير والبر، فكانت هذه حاله من سنة تسع وعشرين وخمسمائة إلى أن قتل فى مسجده بزبيد فى الركعة الثالثة من صلاة العصر يوم الجمعة الثانى عشر من شهر رجب سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، قتله رجل يقال له «محرّم» من أصحاب على بن مهدى، ثم قتل قاتله فى تلك العشية بعد أن قتل جماعة من الناس، ولم تلبث الدولة بعد قتله إلا يسيرا حتى أزالها على بن مهدى، وملك زبيد وأعمالها فى سنة أربع وخمسين وخمسمائة، فى آخر يوم من شهر رجب.


[١] فى زامباور (معجم الأنساب ١/١٨٢) أن وفاته كانت سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
[٢] تفللوا عنه: انهزموا، وتخلوا عنه.