للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اضطربت أحوال المجاهد واختلفت آراء من حوله، فأشار عليه بعض من عنده- ويقال إنه ابن شكر- بالقبض على الأمراء البحرية والمماليك، وكان المحرض له عبد الرحمن المعروف بابن العنقاء، وهجموا عليهم سحرا، فنجا بعضهم، وقبض على جماعة كثيرة، ونهبت منازلهم، وشنق بعضهم، والتحق من هرب بالظاهر وانضموا إليه، فلما تحقق نفورهم عن المجاهد، ووثق بمناصحتهم، وكان منهم الأمير بهاء الدين بهادر الصقرى، أرسلهم الظاهر إلى الخوخية [١] ، وكان للظاهر بها محطة تبلغ مائتى فارس، وكانوا بين إقدام وإحجام، فلما انتهوا إليهم، وكان الحاث لهم على النزول، والمتدرك لهم بالبلاد بهادر الصقرى فنزلوا [إلى تهامة، ودخلوا السلامة، وتوجهوا إلى حيس، ثم توجهوا [٢]] إلى زبيد، فلما صاروا بالقرتب [٣] اختلفت آراؤهم، فهم جماعة منهم/ (١٨٤) بالتوجه إلى جهة أخرى، وهمّ آخرون بالرجوع إلى الظاهر، ثم جمعهم الصقرى، وثبتهم، وتوجه هو وجماعة من المماليك إلى زبيد، وكان بها الأمير بدر الدين محمد بن طرنطاى، وأمر البلد إليه، فكاتبه الصقرى، فلم يعد إليه جوابا، وأصر على حفظ البلد.

وكان أهل زبيد يرغبون فى الصقرى، ويميلون إليه لتقدم ولايته عليهم فى الأيام المؤيدية، ووقع بين أهل زبيد اختلاف على قتيل، فخرج جماعة من عوارين [٤] البلد إلى الصقرى والعسكر بكماله قد نزل بستان الراحة بباب الشبارق، فتكفلوا للعسكر أنهم يطلعون رجالهم بالحبال، فبادر عسكر الظاهر إلى ذلك ودخلوا البلد فى مستهل شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وقت الظهر، ونهبت بيوت مخصوصة منسوبة إلى المجاهد: كدور بنى النقاش، ومن والاهم، وكان بها جملة من الطعام، وظفر الصقرى بآلات وتحف للمجاهد منها:


[١] فى الخزرجى (٢/١٢) «ساروا إلى قرية الخوخية» .
[٢] ما بين الحاصرتين سقط من ك، وأثبتناه من أص ١٨٣، والخزرجى (٢/١٢) وعبارته: «فنزلوا إلى تهامة، ودخلوا قرية السلامة» .
[٣] هكذا فى أ، ك، وفى الخزرجى (٢/١٣) القرتب، وفى (مراصد الاطلاع ٣/١٠٧٥) القرتب- بضم القاف والتاء وسكون الراء-: من قرى وادى زبيد.
[٤] هكذا فى ك، وفى أص ١٨٤ «الغوارين» بالغين المعجمة، وكلاهما غير واضح المعنى، وقد وردت فى الخزرجى (٢/٢٧ فى سياق يفهم منه أنهم جماعة يستعين بهم من أراد نصرتهم لقاء مال، ويعرفون بالقوة والفتك. وفى ص ٤٢ ذكر أن المجاهد استأصلهم وقبض على شيخهم أحمد الأسد فى جمادى الآخرة سنة ٧٢٦ هـ