للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها فى سحر يوم الجمعة السابع من جمادى الأولى توفى الشيخ الإمام العالم العابد الزاهد العلامة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ الإمام العلامة تاج الدين أبي محمد بن عبد الرحمن بن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزارى [١] البدرى الشافعى المعروف والده بالفركاح، سمى كذلك لعرج كان برجله، وكانت وفاته بمنزلة بمدرسة البادرائيّة [٢] ، وصلى عليه بجامع دمشق عقيب صلاة الجمعة، وكانت جنازته مشهودة، وصلّى عليه ثانيا عند باب جامع جرّاح، ومرة ثالثة عند باب التّربة، ودفن بتربتهم بمقبرة الباب الصغير، ومولده بدمشق فى شهر ربيع الأول سنة ستين وستمائة، ومحله من العلوم والزهد والنزاهة المحل الذى لا يجهل، وامتنع من قبول قضاء القضاة بدمشق مرارا، ولم يوافق على قبول الولاية، وله تصانيف فى العلوم، وسمع من نحو مائة شيخ، منهم ابن عبد الدائم، وابن أبى اليسر، وحدّث بصحيح البخارى وغيره.

قال الشيخ علم الدين البرزالى فى تاريخه عنه: وله اختصاص بمعرفة الفرائض، وله فيها تصنيف، وله تعليقة كبيرة على كتاب التنبيه فى عدة مجلدات، وله مصنفات صغار وأشياء مفيدة، وله مشاركة فى معرفة الأصول والنحو، وله مصنف فى المنطق، وغير ذلك.

قال: وطلبت من الشيخ كمال الدين بن الزّملكانى أن يكتب لى ترجمته فكتب: هو إمام فاضل، وفقيه عالم، كثير الديانة غزير الفضائل، متقشف متزهد متورع متواضع حسن الصمت، لطيف الكلام، متصدّ للنفع والإفادة وشغل الطلبة وإفتاء المستفتين، وإرشاد الطالبين، تقدم فى معرفة مذهب الشافعى ونقله، وأفتى ودرس فى شبيبته، وعرضت عليه المناصب فأباها، وترك الخطابة بجامع دمشق بعد أن وليها وامتنع منها، وروجع فى ذلك فلم يقبل [٣] ، وتصدر ليلا ونهارا للإقراء والإفتاء، والجمع والإفادة، ملازم الخير


[١] ترجمته فى المنهل الصافى (١/٨٠) والدرر الكامنة (١/٣٤) والدارس فى تاريخ المدارس (١/٢٠٨) والشذرات (٦/٨٨) .
[٢] فى الدارس فى تاريخ المدارس (١/٢٠٥) البدرائية: داخل باب الفراديس والسلامة شمالى جيرون، وشرقى الناصرية الجوانية، كانت تعرف بدار أسامة، نسبة لأسامة الجبلى أحد أكابر الأمراء قال ابن شداد:
أنشأها الشيخ العلامة نجم الدين عبد لله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن عثمان الباذرائى البغدادى الفرضى، وأصله من باذريا (بلد بالعراق من قرى واسط) .
[٣] فى الدارس فى تاريخ المدارس (١/٢٠٨ و ٢٠٩) ورد هذا الخبر نقلا عن ابن كثير، وعبارته: «فى سنة خمس وسبعمائة وفى يوم الخميس ثانى عشر ذى القعدة وصل البريد من مصر بتولية الفزارى الخطابة عوضا عن عمه شرف الدين فباشرها يوم الجمعة ثالث عشر، ثم بعد خمسة أيام عزل نفسه عن الخطابة، وآثر بقاءه على تدريس البادرائية حين بلغه أنها طلبت لتؤخذ منه، فبقى منصب الخطابة شاغرا.