للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحسن الطريقة، متقللا من الدنيا/ متحرّزا فى فتواه، لا يفتى إلا فيما تحقق نقله، وإذا أفتى احترز وقيّد ألفاظه، ولو بالقيود العامة، لئلا يكون عليه مطعن أو مأخذ، وكان بيده تدريس المدرسة البادرائية، وليها بعد والده، واستقر بها، واقتصر على شرح واقفها، وإذا فرغ من تدريسه بها تصدر فى الجامع للإقراء والتعليم والفتوى، وإذا رجع إلى منزله عاوده الشغل والمذاكرة، ولم يزل هذا دأبه، انتهى كلام الشيخ كمال الدين فيه، رحمهما الله تعالى.

وفيها فى ليلة الاثنين السادس عشر من جمادى الآخرة توفى القاضى معين الدين أبو المواهب هبة الله بن معين [١] الدين مسعود بن عبد الله بن أبى الفضائل أو المفضل [٢] حشيش، صاحب ديوان الجيوش المنصورة بالأبواب السلطانية، وكانت وفاته بالقاهرة بدار كان يسكنها برأس حارة الجوجرية، ودفن فى يوم الاثنين بالقرافة الصغرى بتربة القاضى فخر الدين ناظر الجيوش، ومولده فى أواخر شهور سنة ست وستين وستمائة، وكان رحمه الله تعالى حسن المودة والمحاضرة والمذاكرة، وله شعر جيد ونثر، كان كاتبا أتقن صناعة كتابة التصرف، ما رأيت أجود من ذهنه وإتقانه وضبطه، سألته فى سنة ست عشرة وسبعمائة عن بلدة تسمى (بدويه) [٣] من أعمال الدقهلية والمرتاحية، لمن أقطعت فى الرّوك الناصرى، فذكر لى أنها كانت قبل الروك لسبعة من رجال الحلقة المنصورة، وسمى بعضهم، ثم ذكر من أقطعت باسمه فى الرّوك الناصري من غير أن يكشف حسابه، فقلت له: أرنى الحساب الذى يدل على هذا، وقصدت بذلك تحقيق نقله، فأخرج حسابه، فتأملته، فما وجدته أخل بشىء منه، حتى كأنه كان يشاهده، فعجبت من ذلك، وحكيته عنه رحمه الله تعالى، واشتغل بأنساب العرب، ونظر فى التاريخ رحمه الله تعالى.


[١] فى السلوك (٢/٣١٥) «أبو المواهب هبة الله بن علم الدين» وترجمته فى: (الدرر ٤/٣٠٤) .
[٢] الشك من النويرى، ولم ترد هذه الكنية فى اسمه كما جاء فى السلوك وفى الدرر (٤/٤٠٣) هبة الله بن مسعود بن أبى الفضائل- معين الدين بن حشيش.
[٣] هذا هو اسمها على ألسنة العامة اليوم، وهو الاسم الأصلى لها ووردت فى ابن مماتى (قوانين الدواوين ص ١١٢) باسم بدويه وحصتها، وعدها فى أعمال الدقهلية/ وفى القاموس الجغرافى (ج ١ قسم ٢ ص ٢١٧) إحدى قرى المنصورة، وتبعد عنها إلى الشمال مسافة ١٠ ك م.