لاتصاله بالسوأتين. وحرّم قليل الخمر وإن كان لا يسكر لأنه يدعو إلى المسكر.
وما من حرام إلا وله حرم يطيف به. وحكم الحرمة ينسحب على حريمه ليكون حمى للحرام ووفاية له وحظارا «١» مانعا حوله كما قال صلّى الله عليه وسلم: «إن لكلّ ملك حمى وإنّ حمى الله محارمه» فهى محرّمة تبعا لتحريم الخمر.
الدرجة الثالثة: الموزون المفهوم وهو الشعر، وذلك لا يخرج إلا من حنجرة الإنسان فيقطع بإباحة ذلك لأنه ما زاد إلا كونه مفهوما. والكلام المفهوم غير حرام. والصوت الطيب الموزون غير حرام. فإذا لم يحرم الآحاد فمن أين يحرم المجموع؛ نعم ينظر فيما يفهم منه، إن كان فيه أمر محظور جرم نثره ونظمه وحرم التصويت «٢» به سواء كان بألحان أو لم يكن.
والحقّ فيه ما قاله الشافعىّ رحمه الله إذ قال: الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح. ومهما جاز إنشاد الشعر بغير صوت وألحان جاز مع الألحان. فإن أفراد المباحات إذا اجتمعت كان مباحا، ومهما انضمّ مباح الى مباح لم يحرم إلا إذا تضمنّ المجموع محظورا لا تتضمّنه الآحاد، ولا محظور هاهنا. وكيف ينكر إنشاد الشعر وقد أنشد بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال صلّى الله عليه وسلم:«إنّ من الشّعر لحكمة» وساق رحمه الله في هذا الموضع الأحاديث الصحيحة التى تضمّنت إنشاد الشعر والحداء به وهى أشهر من أن يحتاج إلى سردها. ثم قال بعد سياق الأحاديث: ولم يزل الحداء وراء الجمال من عادة العرب في زمان سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وزمان الصحابة، وما هو إلا أشعار تؤدّى بأصوات طيّبة وألحان موزونة. ولم ينقل عن أحد من الصحابة إنكاره. بل ربما كانوا يلتمسون ذلك