للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا المحمود فهو حزن الإنسان على تقصيره في أمر دينه وبكاؤه على خطاياه.

والبكاء والتباكى والحزن والتحازن على ذلك محمود لأنه يبعث على التشمير للتدارك.

ولذلك كانت نياحة داود عليه السّلام محمودة، فقد كان يحزن ويحزن ويبكى ويبكى حتى كانت الجنائز ترفع من مجالس نياحته وكان يفعل ذلك بألفاظه وألحانه، وذلك محمود لأن المفضى إلى المحمود محمود. وعلى هذا لا يحرم على الواعظ الطيّب الصوت أن ينشد على المنبر بألحانه الأشعار المحزنة المرقّقة للقلب ولا أن يبكى ويتباكى ليتوصّل به الى بكاء غيره وإثارة حزنه.

الخامس: السماع في أوقات السرور تأكيدا للسرور وتهييجا له إن كان ذلك السرور مباحا كالغناء في أيام العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب ووقت الوليمة والعقيقة وعند الولادة والختان وعند حفظ القرآن، وكل ذلك معتاد لأجل إظهار السرور. قال: ووجه جوازه أنّ من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب وكل ما جاز السرور به جاز إثارة السرور فيه، ويدلّ على هذا إنشادهم بالدفّ والألحان عند مقدم النبىّ صلّى الله عليه وسلم يقولون:

طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داعى

فإظهار هذا السرور بالنغمات والشعر والرقص والحركات محمود. فقد نقل عن جماعة من الصحابة أنهم حجلوا في سرور أصابهم كما سيأتى في أحكام الرقص وهو جائز في قدوم كل غائب وكل ما يجوز الفرح به شرعا. ويجوز الفرح بزيارة الإخوان ولقائهم واجتماعهم في موضع واحد على طعام أو كلام.

السادس: سماع العشّاق تحريكا للشوق وتهييجا للعشق وتسلية للنفس؛ فإن كان في حال مشاهدة المعشوق فالغرض تأكيد اللذّة، وإن كان مع المفارقة فالغرض