فقال الشافعىّ: ميلوا بنا نسمع. فلما فرغت قال الشافعىّ لإبراهيم: أيطريك هذا؟ قال لا. قال: فما لك حسّ! وروى أيضا بسند رفعه إلى صالح بن أحمد بن حنبل قال: كنت أحبّ السماع وكان أبى يكره ذلك، فواعدت ليلة ابن الخبّازة، فمكث عندى إلى أن علمت أنّ أبى قد نام، فأخذ يغنّى، فسمعت خشفة فوق السطح، فصعدت، فرأيت أبى فوق السطح يسمع ما يغنّى وذيله تحت إبطه وهو يتبختر كأنه يرقص. قال: وقد رويت هذه الحكاية أيضا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل- وساق سندا إليه- قال: كنت أدعو ابن الخبّازة وكان أبى ينهانا عن الغناء، وكنت إذا كان عندى كتمته من أبى لئلا يسمع. فكان ذات ليلة عندى وهو يقول، فعرضت لأبى عندنا حاجة- وكانوا فى زقاق- فجاء وسمعه يقول، فوقع في سمعه شىء من قوله، فخرجت لأنظر فإذا بأبى يترّجح «١» ذاهبا وجائيا، فرددت الباب ودخلت. فلما كان من الغد قال أبى: يا بنىّ، إذا كان مثل هذا فنعم الكلام، أو معناه. قال أبو الفضل: وابن الخبّازة هذا هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الشاعر، وكان عاصر أحمد ورثاه حين مات.
وروى أبو الفضل أيضا بسند رفعه الى [أبى] مصعب «٢» الزّهرىّ أنه قال: حضرت مجلس مالك بن أنس فسأله أبو مصعب عن السماع، فقال مالك: ما أدرى، أهل العلم ببلدنا لا ينكرون ذلك ولا يقعدون عنه ولا ينكره إلا غبىّ جاهل أو ناسك عراقى غليظ الطبع. وقال أيضا: أخبرنا أبو محمد التميمىّ ببغداد قال: سألت الشريف أبا علىّ محمد بن أحمد بن أبى موسى الهاشمىّ عن السماع فقال: ما أدرى ما أقول فيه، غير أنى حضرت دار شيخنا أبى الحسن عبد العزيز بن الحارث التميمى سنة سبعين وثلاثمائة