وعن محمد بن خير عن عبد الله بن العباس الرّبيعىّ قال:
كنّا عند إبراهيم بن المهدىّ ذات يوم وقد دعا كلّ محسن من المغنّين يومئذ وهو جالس يلاعب أحدهم بالشّطرنج فترنّم إبراهيم بصوت فريدة في شعر أبي العتاهية:
قال لى أحمد ولم يدر ما بى ... أتحبّ الغداة عتبة حقّا
فتنفّست ثم قلت نعم حبّا ... جرى في العروق عرقا فعرقا
وهو متكىء «١» ، فلما فرغ ترنّم به مخارق فأحسن فيه وأطربنا «٢» وزاد على إبراهيم، فغنّاه إبراهيم وزاد في صوته على غناء مخارق. فلما فرغ ردّه مخارق وغنّاه بصوته كلّه وتحفّظ فيه وكدنا نطير سرورا. فاستوى إبراهيم جالسا وكان متّكئا وغنّاه بصوته كلّه ووفّاه نغمه وشذوره ونظرت إلى كتفيه تهتزّان وبدنه أجمع يتحرّك إلى أن فرغ منه ومخارق شاخص نحوه يرعد وقد انتقع لونه وأصابعه تختلج فخيّل إلىّ أن الإيوان يسير بنا، فلما فرغ منه تقدّم إليه مخارق فقبّل يده وقال: جعلنى الله فداك أين أنا منك! ثم لم ينتفع مخارق بنفسه بقيّة يومه في شىء من غنائه، والله لكأنما كان يتحدّث.
وروى عن منصور بن المهدىّ قال:
كنت عند أخى إبراهيم في يوم كانت عليه فيه نوبة لمحمد الأمين، فتشاغل بالشرب فى بيته ولم يمض، وأرسل إليه الأمين عدّة رسل فتأخّر. قال منصور: فلمّا كان من غد قال لى: ينبغى أن نعمل على الرواح إلى أمير المؤمنين فنترضّاه، فما أشكّ فى غضبه علينا. فمضينا فسألنا عن خبره فأعلمنا أنه مشرف على خير «٣» الوحش وهو مخمور، وكان من عادته ألّا يشرب إذا لحقه الخمار. فدخلنا، وكان طريقنا على