حجرة تصنع فيها الملاهى، فقال لى: اذهب فاختر منها عودا ترضاه وأصلحه غاية الإصلاح حتى لا يحتاج إلى إصلاحه وتغييره عند الضرب به؛ ففعلت وجعلته فى كمّى. ودخلنا على الأمين وظهره إلينا. فلما بصرنا به من بعد قال: أخرج عودك فأخرجته، فاندفع يغنّى:
فاستوى الأمين جالسا وطرب طربا شديدا وقال: أحسنت والله يا عمّ وأحييت لى طربا. ودعا برطل فشربه على الرّيق وابتدأ «٤» شربه. قال منصور:
وغنّى إبراهيم يومئذ على أشدّ طبقة يتناهى إليها في العود، وما سمعت مثل غنائه يومئذ قط. ولقد رأبت منه شيئا عجيبا لو حدّثت به ما صدّقت:
كان إذا ابتدأ يغنّى صغت الوحوش إليه ومدّت أعناقها، ولم تزل تدنو حتى تكاد تضع رءوسها على الدّكّان الذى كنّا عليه، فإذا سكت نفرت وبعدت عنّا حتى تنتهى إلى أبعد غاية يمكنها التباعد عنّا فيها، وجعل الأمين يعجب من ذلك. وانصرفنا من الجوائز بما لم ينصرف بمثله قطّ.
وعن الحسن بن إبراهيم بن رباح قال:
كنت أسأل مخارقا: أىّ الناس أحسن غناء؟ فكان يجيبنى جوابا مجملا، حتى