ويضرب بالعود ويغنّى عليه. وله في ذلك قصّة رواها أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسىّ بسند رفعه إلى سعيد بن كثير بن عفير قال:
قدم إبراهيم بن سعد الزهرىّ العراق سنة أربع وثمانين ومائة، فأكرمه الرشيد وأظهر برّه. وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله؛ فأتاه بعض أهل الحديث ليسمع منه أحاديث الزهرىّ، فسمعه يتغنّى، فقال: لقد كنت حريصا على أن أسمع منك، فأمّا الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا. قال: إذا لا أفقد إلّا شخصك. علىّ وعلىّ ألّا أحدّث ببغداد ما أقمت حديثا واحدا حتى أغنّى قبله. وشاعت هذه الحكاية ببغداد، فبلغت الرشيد، فدعا به فسأله عن حديث المخزوميّة التى قطعها النبىّ صلّى الله عليه وسلم في سرقة الحلىّ؛ فدعا بعود. فقال الرشيد: أعود المجمر؟ قال: لا ولكن عود الطّرب، فتبسّم. ففهمها إبراهيم بن سعد فقال: لعلك بلغك يا أمير المؤمنين حديث السّفيه الذى آذانى بالأمس وألجأنى إلى أن حلفت. قال نعم. فدعا له الرشيد بعود فأخذه وغنّى:
يا أمّ طلحة إنّ البين قد أفدا ... ملّ الثّواء لأن كان الرحيل غدا
فقال له الرشيد: من كان من فقهائكم ينكر السماع؟ قال: من ربط الله على قلبه.
قال: فهل بلغك عن مالك في هذا شىء؟ فقال: لا والله، إلا أن أبى أخبرنى أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بنى يربوع وهم يومئذ جلّة «١» ، ومالك أقلّهم في فقه وقدر، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنّون ويلعبون. ومع مالك دفّ مربّع وهو يغنيهم: