الفضل وقال: إنما أردت ألّا تبيعه أو تجعله سببا لأن تأخذ منّى ثلاثة وثلاثين ألف دينار. فقال إبراهيم: أنا أصنع بك خصلة واحدة، أبيعك نصفه بنصف هذا المال وأكون شريكك في نصفه [وأعلّمه «١» ] ، فإن أعجبك إذا علمته أتممت لى باقى المال وإلا بعته بعد، وكان الرّبح بينى وبينك. فقال الفضل: إنما أردت أن تأخذ منّى المال الذى قدّمت ذكره، فلما لم تقدر على ذلك أردت أن تأخذ نصفه، وغضب. فقال إبراهيم له: فأنا أهبه لك على أنه يساوى ثلاثة وثلاثين ألف دينار؛ قال: قد قبلته؛ قال: وقد وهبته لك. وغدا إبراهيم على الرشيد؛ فقال له:
يا إبراهيم، ما غلام بلغنى أنك وهبته للفضل؟ قال: غلام يا أمير المؤمنين لم تملك العرب ولا العجم مثله، ولا يكون مثله أبدا. قال: فوجّه إلى الفضل يأمره بإحضاره. فوجّه به إليه، فغنّى بين يديه؛ فقال له: كم يساوى؟ قال إبراهيم: يساوى خراج مصر وضياعها. قال: ويحك! أتدرى ما تقول! مبلغ هذا المال كذا وكذا! قال: وما مقدار هذا المال في غلام لم يملك أحد مثله قطّ! قال: فالتفت الرشيد إلى مسرور الكبير وقال: قد عرفت يمينى أنى لا أسأل أحدا من البرامكة شيئا.
فقال مسرور: فأنا أمضى إلى الفضل فأستوهبه منه، فإذا كان عندى فهو عندك.
فقال له: شأنك. فمضى مسرور إلى الفضل واستوهبه منه، فوهبه له. وقيل:
بل إبراهيم هو الذى أهداه للرشيد؛ فأمره الرشيد بتعليمه فعلّمه حتى بلغ ما بلغه.
قال: وكان مخارق يقف بين يدى الرشيد مع الغلمان لا يجلس ويغنّى وهو واقف.
فغنّى ابن جامع ذات يوم بين يدى الرشيد:
كأنّ نيراننا «٢» فى جنب قلعتهم ... مصبّغات على أرسان قصّار «٣»