كان يزيد حوراء نظيفا ظريفا حسن الوجه شكلا، لم يقدم علينا من الحجاز أنظف منه ولا أشكل، وما كنت تشاء أن ترى خصلة جميلة لا تراها في أحد منهم إلا رأيتها فيه. وكان يتعصّب لإبراهيم الموصلىّ على ابن جامع، فكان إبراهيم يرفع منه ويشيع ذكره بالجميل وينبّه على مواضع تقدّمه [وإحسانه «١» ] ، ويبعث بابنه إسحاق [إليه «٢» ] يأخذ عنه.
وحكى أبو الفرج بسند رفعه الى يزيد حوراء قال:
كلّمنى أبو العتاهية في أن أكلّم المهدى في عتبة؛ فقلت: إن الكلام لا يمكننى، ولكن قل شعرا أغنّيه به؛ فقال:
نفسى بشىء من الدنيا معلّقة ... الله والقائم المهدىّ يكفيها
إنى لأيأس منها ثم يطمعنى ... فيها احتقارك للدّنيا وما فيها
قال: فعملت فيه لحنا وغنّيته. فقال: ما هذا؟ فأخبرته خبر أبى العتاهية؛ فقال: ننظر فيما سأل؛ فأخبرت بذلك أبا العتاهية. ثم مضى شهر فجاءنى فقال: هل حدث خبر؟ قلت لا. قال: فاذكرنى للمهدىّ. فقلت: إن أحببت ذلك فقل شعرا تحرّكه به وتذكّره وعده حتى أغنّيه به؛ فقال:
قال يزيد: فغنّيت المهدىّ، فقال: علىّ بعتبة فأحضرت؛ فقال: إن أبا العتاهية كلّمنى فيك، فما تقولين ولك عندى وله ما تحبّان مما [لا «٣» ] تبلغه أمانيكما؟ فقالت: