للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخطّئه فيما لا تدريه، ويدعوك الى إقامة الحجة عليه [١] فلا تثبت لذلك وتعتصم بشتمه! هذا مما يدلّ على السقوط وضعف العقل وسوء الأدب من دخولك فيما لا يشبهك، وغلبة لذّتك على مروءتك [٢] وشرفك، ثم إظهارك إياه ولم تحكمه، وادّعائك ما لا تعلمه حتى ينسبك إلى إفراط الجهل. ألا تعلم، ويحك، أن هذا سوء أدب وقلّة معرفة وقلة مبالاة بالخطأ والتكذيب والردّ القبيح! ثم قال: والله العظيم وحق رسوله وإلا فأنا برىء من المهدىّ إن أصابه أحد بسوء أو سقط عليه حجر من السماء أو سقط من دابّته أو سقط عليه سقفه أو مات فجأة لأقتلنك به. والله! والله! والله! فلا تعرض له وأنت أعلم [٣] ! قم الآن فاخرج؛ فخرج وقد كاد يموت. فلما كان بعد ذلك دخلت على الرشيد وإبراهيم عنده [فأعرضت عن إبراهيم [٤]] فجعل ينظر إلىّ مرة وإليه مرة ويضحك؛ ثم قال: إنى لأعلم محبّتك لإسحاق وميلك إليه وإلى الأخذ عنه، وإن هذا لا يجيئك من جهته كما تريد إلا بعد أن يرضى، والرضا لا يكون بمكروه، ولكن أحسن إليه وأكرمه واعرف حقّه وبرّه وصله، فإذا فعلت ذلك ثم خالف ما تهواه عاقبته بيد مستطيلة منبسطة ولسان منطلق. ثم قال لى: قم إلى مولاك وابن مولاك فقبّل رأسه؛ فقمت إليه وقام إلىّ وأصلح الرشيد بيننا.

قال أبو الفرج: وكان إسحاق جيّد الشعر، كان يقول الشعر وينسبه للعرب.

فمن ذلك قوله:

لفظ الخدور إليك حورا عينا ... أنسين ما جمع الكناس قطينا

فإذا بسمن فعن كمثل غمامة ... أو أقحوان الرمل بات معينا

وأصحّ ما رأت العيون محاجرا [٥] ... ولهنّ أمراض ما رأيت عيونا


[١] فى الأغانى: عليك.
[٢] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «من دخولك فيما لا يشبهك ثم إظهارك إياه وغلبت لذتك الخ» .
[٣] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «وأنت أعلم ولا تعرض له» .
[٤] زيادة عن الأغانى.
[٥] كذا بالأغانى، وفى الأصل: «جوارحا» .