له ولولده على الأمر! وأنت تضعف عنه وعنهم، وتستخفّ بأوليائهم شفّيا، وأرجو ألا يخرجها الله من الرشيد وولده، وأن يقتلك دونها. فإن صارت إليك- والعياذ بالله تعالى من ذلك- فحرام علىّ حينئذ العيش! والموت أطيب من الحياة معك، فاصنع حينئذ ما بدالك! قال: فلما خرج الرشيد وثب إبراهيم فجلس بين يديه وقال:
يا أمير المؤمنين، شتمنى إسحاق وذكر أمّى واستخفّ بى. فغضب وقال لى: ويلك! ما تقول؟ قلت: لا أعلم، فسل من حضر. فأقبل على مسرور وحسين فسألهما عن القصة فجعلا يخبرانه ووجهه يربدّ الى أن انتهيا إلى ذكر الخلافة فسّرى عنه ورجع لونه، وقال لإبراهيم: لا ذنب له، شتمته فعرّفك أنه لا يقدر على جوابك، ارجع إلى موضعك وأمسك عن هذا. فلما انفضّ المجلس وانصرف الناس أمر الرشيد بألّا أبرح. وخرج كل من حضر حتى لم يبق غيرى، فساء ظنّى وهمّتنى نفسى. فأقبل علىّ وقال:
يا إسحاق، أترانى لم أفهم قولك ومرادك! قد والله زنّيته ثلاث مرات! أترانى لا أعرف وقائعك وأقدامك وأين ذهبت! ويلك لا تعد! حدّثنى عنك لو ضربك إبراهيم أكنت أقتصّ لك منه فأضربه وهو أخى يا جاهل! أتراه لو أمر غلمانه فقتلوك أكنت أقتله بك! فقلت: والله يا أمير المؤمنين، قد قتلنى هذا الكلام، وإن بلغه ليقتلنّى، وما أشك أنه قد بلغه الآن. فصاح بمسرور وقال له: علىّ بإبراهيم فأحضر، وقال لى: قم فانصرف. فقلت لجماعة من الحدم- وكلهم كان لى محبّا وإلىّ مائلا ولى مطيعا-: أخبرونى بما يجرى؛ فأخبرونى من غد أنه لمّا دخل عليه وبّخه وجهّله وقال له: أتستحفّ بخادمى وصنيعتى وابن خادمى وصنيعتى وصنيعة أبى فى مجلسى! وتقدم علىّ وتستخفّ بمجلسى وحضرتى! هاه هاه هاه! وتقدم على هذا وأمثاله! وأنت مالك وللغناء! وما يدريك ما هو! ومن أخذك به وطارحك إياه حتى تتوهّم أنك تبلغ منه مبلغ إسحاق الذى غذّى به وعلّمه وهو من صناعته! ثم تظن أنك