فغصّت الدار بالأشراف من الرجال والنساء، وابتدأت جميلة فغنّت بشعر لعمر بن أبى ربيعة:
هيهات من أمة الرّحمن منزلنا [١] ... إذا حللنا بسيف البحر من عدن
واحتلّ أهلك أجيادا فليس لنا [٢] ... إلا التّذكّر أو حظّ [٣] من الحزن
لو أنها أبصرت بالجزع عبرته ... وقد تغرّد قمرىّ على فنن
إذا رأت غير ما ظنّت بصاحبها ... وأيقنت أنّ لحجا ليس من وطنى
ما أنس لا أنس يوم الخيف موقفها ... وموقفى وكلانا ثمّ ذو شجن
وقولها للثّريّا وهى باكية ... والدمع منها على الخدّين ذو سنن
بالله قولى له من غير معتبة ... ماذا أردت بطول المكث فى اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت [٤] بها ... فما أصبت بترك الحج من ثمن
فكلهم استحسن الغناء، وضجّ القوم لحسن ما سمعوا، وبكى عمر حتى جرت دموعه على ثيابه ولحيته. ثم أقبلت على ابن سريج فقالت: هات، فغنّى صوته بشعر لعمر:
أليست بالّتى قالت ... لمولاة لها ظهرا
أشيرى بالسّلام له ... إذا ما نحونا نظرا
وقولى فى ملاطفة ... لزينب نولّى عمرا
وهذا سحرك النّسوا ... ن قد خبّرننى الخبرا
[١] كذا فى الأغانى وديوان عمر بن أبى ربيعة. وفى الأصل: «منزلها» .
[٢] كذا فى الأغانى والديوان. وفى الأصل: «فليس لهم» .
[٣] كذا فى الأغانى والديوان.
وفى الأصل: «همّ» .
[٤] فى الأصل:
إن كنت حاولت دينا أو نعمت به