للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشراف ابن أبى عتيق والأحوص وكثيّر عزّة ونصيب؛ وجماعة من الأشراف الرجال والنساء. وحج معها من القيان مشيّعات لها ومعظّمات لقدرها خمسون قينة وجّه بهنّ مواليهنّ معها وأعطوهنّ النفقات وحملوهنّ على الإبل فى الهوادج والقباب وغير ذلك؛ فأبت جميلة أن تنفق واحدة منهنّ درهما فما فوقه حتى يرجعن. قال: وتخاير من خزج معها فى اتخاذ أنواع اللّباس العجيب والهوادج والقباب. قال: ولما قاربوا مكة تلقّاهم سعيد بن مسجح وابن سريج والغريض وابن محرز والهذليّون وجماعة من المغنّين من أهل مكة وفتيان كثير [١] ؛ ومن غير المغنّين عمر بن أبى ربيعة والحارث ابن خالد المخزومىّ والعرجىّ وجماعة من الأشراف. فدخلت جميلة مكة وما بالحجاز مغنّ حاذق ولا مغنيّة إلا وهو معها وجماعة من الأشراف [ممن سمّينا وغيرهم من الرجال والنساء، وخرج أبناء أهل مكة من [٢]] الرجال والنساء ينظرون إلى جمعها وحسن هيئتهم. فلما قضت حجّها سألها المكيّون أن تجعل لهم مجلسا؛ فقالت: للغناء أم للحديث؟ فقالوا: لهما جميعا. قالت: ما كنت لأخلط جدّا بهزل، وأبت أن تجلس للغناء. فقال عمر بن أبى ربيعة: أقسمت على من كان فى قلبه حبّ لسماع غنائها إلا خرج معها إلى المدينة، فإنى خارج معها. فخرجت فى جمع كثير من الأشراف وغيرهم أكثر من جمعها بالمدينة. فلما قدمت المدينة تلقّاها الناس والأشراف من الرجال والنساء، فدخلت بأحسن مما خرجت منها، وخرج الرجال والنساء فوقفوا على أبواب دورهم ينظرون إلى جمعها وإلى القادمين معها. فلما دخلت إلى منزلها وتفرّق الناس إلى منازلهم ونزل أهل مكة على أقاربهم وإخوانهم، أتاها الناس مسلّمين، وما استنكف من ذلك صغير ولا كبير. فلما مضى لمقدمها عشرة أيام جلست للغناء، وقالت لعمر بن أبى ربيعة: إنى جالسة لك ولأصحابك، فإذا شئت فعد الناس.


[١] فى الأغانى: «وقيان كثيرة لم يسمين» .
[٢] زيادة عن «الأغانى» .