للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوثب إليها فأمسك فاها فقال: أنت والله أحسن من الغريض وجها وغناء، فما يؤمننى عليك! أمسكى.

ويقال: إنها لم تضرب بالعود إلا فى أيام المتوكل لمّا اتّصل الشرّ بينها وبين عريب، فصارت تقعد بها عند الضرب، فضربت بعد ذلك.

قال ابن المعتز: وحدّث محمد بن سهل بن عبد الكريم المعروف بسهل الأحول، وكان قاضى الكتّاب فى زمانه، كان يكتب لإبراهيم وكان ثقة، قال: أعطى المعتصم إبراهيم بشارية سبعين ألف دينار، فامتنع من بيعها. قال: فعاتبته على ذلك، فلم يجبنى بشىء. ثم دعانى بعد أيام وبين يديه مائدة لطيفة، فأحضر الغلام سفّودا فيه ثلاثة فراريج، فرمى إلىّ بواحدة فأكلتها وأكل اثنتين، ثم شرب رطلا وسقانى؛ ثم أتى بسفّود آخر ففعل كما فعل وشرب [كما شرب [١]] وسقانى؛ ثم ضرب ستر إلى جانبه فسمعت حركة العيدان؛ ثم قال: يا شارية تغنّى، فسمعت شيئا ذهب بعقلى.

فقال: يا سهل، هى التى عاتبتنى فى أن أبيعها بسبعين ألف دينار، لا والله ولا هذه الساعة الواحدة بسبعين ألف دينار! وحكى عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: أمرنى المعتز بالله ذات يوم بالمقام عنده فأقمت، ومدّت الستارة وخرج من كان يغنّى وراءها وفيهنّ شارية، ولم أكن سمعتها قبل ذلك فاستحسنت ما سمعت منها؛ وقال لى المعتز: يا عبيد الله، كيف ما تسمع منها عندك؟ فقلت: حظ العجب من هذا الغناء أكثر من حظ الطرب؛ فاستحسن ذلك، وأخبرها به فاستحسنته.

قالوا: وكانت شارية أحسن الناس غناء منذ توفّى المعتصم إلى آخر خلافة الواثق. وقيل: إن إبراهيم بن المهدىّ لم يطأ شارية، وإن الذى افتضّها المعتصم.

وكان إبراهيم يسمّى شارية بنتى.


[١] زيادة عن الأغانى.