للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يعقوب بن بيان: كانت شارية لصالح بن وصيف. فلما بلغه رحيل موسى بن بغا من الجبل يريده بسبب قتل المعتز، أودع شارية جوهره، فظهر لها جوهر كثير بعد ذلك. فلما أوقع موسى بصالح استترت شارية عند هارون بن شعيب العكبرىّ، وكان أنظف خلق الله طعاما وأسراهم مائدة، وأوسخهم كلّ شىء بعد ذلك، وكان له بسرّ من رأى منزل وفيه بستان كبير، وكانت شارية تسمّيه أبى، وتزوره فى منزله فتحمل معها كل شىء تحتاج إليه حتى الحصير تقعد عليه.

وكانت من أكرم الناس. عاشرها أبو الحسن علىّ بن الحسين عند هارون هذا، ثم أضاق [١] فى وقت فاقترض منها على غير رهن عشرة آلاف دينار فأقرضته، ومكثت أكثر من سنة ما أذكرته بها ولا طالبته بردّها.

قال يعقوب بن بيان: وكان الناس بسرّ من رأى متحازبين، فقوم مع شارية، وقوم مع عريب، لا يدخل أصحاب هذه فى هؤلاء، ولا أصحاب هذه فى هؤلاء.

وكان [أبو الصقر [٢]] إسماعيل بن بلبل عريبيّا؛ فدعا علىّ بن الحسين يوم جمعة أبا الصقر وعنده عريب وجواريها. فاتصل الخبر بشارية فبعثت بجواريها إلى علىّ ابن الحسين بعد يوم أو يومين، وأمرت إحداهنّ- قال: وما أدرى [من [٢]] هى:

مهرجان أو مطرب أو قمرية، إلا أنها إحدى الثلاث- أن تغنّيه:

لا تعودنّ بعدها ... فترى كيف أصنع

فلما سمع الغناء ضحك وقال: لست أعود.

قال: وكان المعتمد قد وثق بشارية فلم يكن يأكل إلا طعامها؛ فمكثت دهرا تعدّ له كلّ يوم جونتين، فكان طعامه منهما فى أيام المتوكل.


[١] يقال: أضاق الرجل اذا ذهب ماله وافتقر.
[٢] زيادة عن الأغانى.