حسنة لم أرها فى امرأة غيرها قطّ. قال حماد: فذكرت ذلك ليحيى بن أكثم، فقال: صدق أبو محمد، هى كذلك. قلت: أفسمعتها؟ قال: نعم، هناك (يعنى فى دار المأمون) . قلت: أفكانت كما ذكر أبو محمد فى الحذق؟ قال يحيى: هذه مسئلة الجواب فيها على أبيك، هو أعلم منّى بها. فأخبرت أبى بذلك، فضحك ثم قال: أما استحييت من قاضى القضاة أن تسأله عن مثل هذا! وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ: استدعانى المأمون يوما فدخلت عليه، فسألنى عن صوت وقال لى: أتدرى لمن هو؟ فقلت: أسمعه ثم أخبر أمير المؤمنين إن شاء الله بذلك. فأمر جارية من وراء السّتارة أن تغنّيه، فضربت فإذا هى قد شبّهته بالقديم؛ فقلت: زدنى معها عودا آخر، فإنه أثبت لى؛ فزادنى عودا آخر.
فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا صوت محدث لامرأة ضاربة. قال: من أين قلت ذلك؟ فقلت: إنى لمّا سمعت لينه عرفت أنه محدث من غناء النساء، ولمّا رأيت جودة مقاطعه علمت أنّ صاحبته ضاربة حفظت مقاطعه وأجزاءه، ثم طلبت عودا آخر فلم أشكّ. قال: صدقت، الغناء لعريب.
وقال ابن المعتزّ: قال علىّ بن يحيى: أمرنى المعتمد على الله أن أجمع غناء عريب الذى صنعته، فأخذت منها دفاترها وصحفها التى كانت قد جمعت فيها غناءها، فكتبته فكان ألف صوت، وقد قيل أكثر من ذلك. وقد وصفها أبو الفرج الأصفهانىّ وأطنب فى وصفها وتفضيلها، واستدلّ على ذلك وبسط القول فيه.
وأمّا ما قيل فى نسبها وسنّها وكيف تنقّلت بها الحال إلى أن اتصلت بالمأمون، فقد روى عن إسماعيل بن الحسين خال المعتصم أنها ابنة جعفر بن يحيى، وأنّ البرامكة لما نهبوا سرقت وهى صغيرة فبيعت. قال أحمد بن عبد الله بن إسماعيل المراكبىّ: