للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأبى كلّ أصهب ... أزرق العين أشقر

جنّ قلبى به ولي ... س جنونى بمنكر

وقال إسحاق بن إبراهيم: لمّا نمى إلى الأمين خبر عريب بعث فى إحضارها وإحضار مولاها فأحضرا، فغنّت بحضرة إبراهيم بن المهدىّ، فطرب الأمين واستعادها، وقال لإبراهيم: كيف سمعت؟ قال: سمعت يا سيّدى حسنا، وإن تطاولت بها الأيام وسكن روعها ازداد غناؤها حسنا وطيبا. فقال للفضل بن الربيع: خذها إليك وساوم بها ففعل، فاشتطّ مولاها فى السّوم ثم أوجبها له بمائة ألف درهم.

وانتقض أمر الأمين وشغل عنها فلم يأمر لمولاها بشىء حتى قتل بعد أن افتضّها؛ فرجعت إلى مولاها، ثم هربت منه إلى ابن حامد؛ فلم تزل عنده حتى قدم المأمون بغداد فتظلم المراكبىّ من محمد بن حامد، فأمر المأمون بإحضاره وسئل عنها فأنكرها.

فقال له المأمون: كذبت، وقد سقط إلىّ خبرك، وأمر صاحب الشّرط أن يجرّده فى مجلس الشّرط ويضع عليه السّياط حتى يردّها فأخذه. فبلغها الخبر، فركبت حمار مكار وجاءت وقد جرّد ليضرب، وهى مكشوفة الوجه وهى تصيح: إن كنت مملوكة فليبعنى، وإن كنت حرّة فلا سبيل علىّ. فرفع خبرها إلى المأمون، فأمر بتعديلها عند قتيبة بن زياد القاضى فعدّلت عنده. وتقدّم إليه المراكبىّ مطالبا بها، فسأله البيّنة على ملكه إياها فعاد متظلّما إلى المأمون وقال: قد طولبت بما لم يطالب به أحد فى رقيق. وتظلمت زبيدة بنة جعفر إليه وقالت: من أغلظ ما جرى علىّ، بعد قتل ابنى، هجوم المراكبىّ على دارى [١] وأخذ عريب منها. فقال المراكبىّ: إنما أخذت ملكى، لأنه لم ينقدنى الثمن. فأمر المأمون بدفعها إلى محمد ابن عمر الواقدىّ، وكان قد ولّاه القضاء بالجانب الشرقىّ، فأخذها من قتيبة بن زياد


[١] فى الأصل: «داره» وهو تحريف.