للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكانت عريب تتعشّق صالحا المنذرىّ الخادم، فتزوّجته سرّا. فحكى عنها أنّ بعض الجوارى دخلت عليها يوما؛ فقالت لها عريب: ويحك! تعالى إلىّ! فجاءت؛ فقالت: قبّلى هذا الموضع منّى، فإنك تجدين ريح الجنّة، وأومأت إلى سالفتها، ففعلت ثم قالت لها: ما السبب فى هذا؟ قالت: قبّلنى الساعة صالح المنذرىّ فى هذا الموضع. قال: ووجّهه المتوكل إلى مكان بعيد فى حاجة؛ فقالت عريب فيه:

أمّا الحبيب فقد مضى ... بالرّغم منّى لا الرّضا

أخطأت فى تركى لمن ... لم ألق [١] منه عوضا

وكانت عريب تهوى إبراهيم بن المدبّر ويهواها، ولها معه أخبار وحكايات، وبينهما أشعار وفكاهات. فمن مكاتباتها إليه ما روى عن ابن المعتز قال: كتبت إليه تدعو له فى شهر رمضان: أفديك بسمعى وبصرى، وأهلّ الله عليك هذا الشهر باليمن والمغفرة، وأعانك على المفترض منه والمتنفّل، وبلّغك مثله أعواما، وفرّج عنك وعنّى فيه [٢] . وكتبت فى شىء بلغها عنه: وهب الله لنا بقاءك ممتّعا بالنّعم. ما زلت أمس فى ذكرك، فمرّة بمدحك، ومرّة بأكلك وبذكرك بما فيك لونا لونا. اجحد ذنبك الآن، وهات حجج الكتّاب ونفاقهم. فأمّا خبرنا أمس فإنا شربنا من فضل نبيذك على تذكارك رطلا، وقد رفعنا حسابنا إليك، فارفع حسابك إلينا، وخبّرنا من زارك أمس وألهاك، وأىّ شىء كانت القصّة على جهتها. [ولا تخطرف [٣] فتحوجنا إلى كشفك والبحث عليك وعن حالك] ، وقل الحق، فمن صدق [نجا [٤]] .

وما أحوجك إلى تأديب، فإنك لا تحسن أن [٥] تودّ. [والحقّ أقول إنه يعتريك كزاز [٦]


[١] كذا فى الأغانى (ج ١٨ ص ١٨٤ طبع بلاق) . وفى الأصل
لم ألف عنه معرضا
[٢] فى الأصل: «فيك» .
[٣] تخطرف الشىء: جاوزه.
[٤] التكلملة عن الأغانى.
[٥] كذا فى الأغانى (ج ١٩ ص ١٢٢ طبع بلاق) . وعبارة الاصل: «وما أحوجك الى تأديب فانك لا تحسن أن تؤدبه» :
[٦] الكزاز: تشنج يصيب الإنسان من البرد الشديد.