للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنفذ الجواب [١] [اليها] . فلم تلبث أن جاءت على حمار مصرىّ، فبادر إليها وتلقاها حافيا حتى جاء بها إلى صدر المجلس، يطأ الحمار بساطه وما عليه، حتى أخذ بركابها فأجلسها فى مجلسه وجلس بين يديها. ثم قال:

ألا ربّ يوم قصر الله طوله ... بقرب عريب، حبّذا هو من قرب

بها تحسن الدّنيا وينعم عيشها ... وتجتمع السّرّاء للعين والقلب

وقال إبراهيم بن اليزيدىّ: كنت مع المأمون فى بلد الروم. فبينما أنا أسير فى ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح وإلى جانبى قبّة، إذ برقت برقة فإذا فى القبّة عريب.

فقالت: يا إبراهيم بن اليزيدىّ. فقلت: لبّيك! قالت: قل فى هذا البرق أبيانا ملاحا لأغنّى فيها. فقلت:

ماذا بقلبى من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردنّ أو دمشق ... لأن من أهوى بذاك الأفق

فارقته وهو أعزّ الخلق ... علىّ والزّور خلاف الحقّ

ذاك الذى يملك منّى رقّى ... ولست أبغى ما حييت عتقى

فتنفّست نفسا ظننته قد قطع حيازيمها؛ فقلت: ويحك! على من هذا التنفس؟ فضحكت ثم قالت: على الوطن. فقلت: هيهات! ليس هذا كله على الوطن. فقالت: ويلك! أظننت أنك تستفزّنى! والله لقد نظرت نظرة مريبة فى مجلس فادّعاها أكثر من ثلاثين رئيسا، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت.


[١] فى الأصل: «وابتدأ الجواب فلم تلبث» . والتصويب والزيادة عن الأغانى (ج ١٩ ص ١٢٥ طبع بلاق) .