وقال أبو العبيس بن حمدون: غضبت عريب على بعض جواريها، فجئت إليها وسألتها أن تعفو عنها؛ فقالت- فى بعض ما تقوله مما تعتدّ به عليها من ذنوبها-:
يا أبا العباس، إن كنت تشتهى أن ترى زناى وصفاقة وجهى وجرأتى على كلّ عظيمة أيّام شبابى، فانظر إليها واعرف أخبارها. قال: وكانت فى شبابها يقدّم إليها البرذون فتطفر عليه بلا ركاب.
وقال أبو العبّاس بن الفرات: حدّثتنى بدعة جارية عريب: أنّ عريب كانت تجد فى رأسها بردا وكانت تغلّف رأسها بستين مثقالا مسكا وعنبرا، وتغسله من جمعة إلى جمعة، فإذا غسلته جدّدت غيره، وتقتسم الجوارى غسالة رأسها.
وقال علىّ بن المنجّم: دخلت يوما على عريب مسلّما عليها، فلما جلست هطلت السماء بمطر عظيم. فقالت: أقم عندى اليوم حتى أغنّيك أنا وجوارىّ، وابعث إلى من أحببت من إخوانك، فأمرت بدوابّى فردّت، وجلسنا نتحدّث. فسألتنى عن خبرنا بالأمس فى مجلس الخليفة ومن كان يغنيّنا، وأىّ شىء استحسنّاه من الغناء. فأخبرتها أنّ صوت الخليفة كان لحنا صنعه بنان من الماخورىّ. فقالت: وما هو؟ فقلت:
تجافى ثم تنطبق ... جفون حشوها الأرق
وذى كلف بكى جزعا ... وسفر القوم منطلق
به قلق يململه ... وكان وما به قلق
جوانحه على خطر ... بنار الشّوق تحترق
فوجّهت رسولا إلى بنان، فحضر وقد بلّته السماء؛ فأمرت بخلع فاخرة فخلعت عليه، وقدّم له طعام فأكل، وجلس يشرب معنا. فسألته عن الصوت فغنّاها إياه.