للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها:

لقد عاشرت منك الوزارة ما جدا ... له كنف لا يجتويه المعاشر

فسيح امتداد الظّلّ بين رحابه ... وبين المعالى آهل الرّبع عامر

«فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر»

وما زلت ملحوظا لها ومؤهّلا ... لذا الأمر مذ شدّت عليك المآزر

وقال آخر:

كلّما رمت أن أهنّيك وقتا ... بمحلّ من العلا ترتقيه

شمت مقدارك الذى أعجز الوا ... صف أعلى من الذى أنت فيه

وكتب الحمدونىّ أخو صاحب التّذكرة يهنّئ بالسلامة من حريق وقع فى دار الخلافة:

الدّنيا- أعزّ الله أنصار الخدمة الشريفة- دار الامتحان والاختبار، ومجاز الابتلاء والاعتبار؛ ولله فيما نزّله فيها إلى عباده من نعمه، وتخوّلهم من مواهبه وقسمه، عادات يقتضيها بالغ حكمته، وماضى إرادته ومشيئته؛ ليستيقظ الذاهل، ويعترف الجاهل؛ ويزداد العالم اللبيب اعتبارا، ويستفيد العاقل الأريب تفكّرا واستبصارا؛ فلا يغفل عن واجب الشكر إذا سيقت النعمة إليه، ولا يلهو عن استدعاء المزيد منها بالاعتراف إذا أسبغت عليه؛ وهو أن البارى سبحانه إذا تابع آلاءه إلى عبد ووالاها، [وجرّدها [١]] له من الشوائب وأخلاها؛ أماط عن مشاربها أكدار الدنيا المطبوعة على الكدر، وغمر مساربها بالأمن من طوارق الغير؛ خيف عليها الانتقاض والزوال، وتوقّع لها الانتهاء والانتقال. ومن ذلك الخبر المروىّ: أنه لما أنزل الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا) ابتهج الصحابة رضى الله تعالى عنهم إلا عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فإنه بكى. فقالوا:


[١] زيادة يقتضيها سياق الكلام. ولعل هذه الكلمة أو ما فى معناها سقطت من الناسخ.