كان داء الإشراك سيفك واشت ... دّت شكاة الهدى وكان طبيبا
فغدا الدّين جديدا، والإسلام سعيدا، والزمان حميدا؛ وعمود الدين قائما، وكتاب الله حاكما؛ ودعوة الإيمان منصورة، وعين الملك قريرة. فهنأ الله مولانا وهنأنا هذه المنح البهيّة مطالعها، الشّهيّة مواقعها؛ المشهورة آثارها، المأثورة أخبارها؛ ونصر الله أعلامه ففى البرّ تحلّ وتعقد، وعضد حسامه فبالقسط يسلّ ويغمد؛ وأيّد مذاهبه فبالتّحزّم تسدى وتلحم، وأمّر كتائبه ففى الله تسرج وتلجم. فكم فادح خطب كفاه، وظلام كرب جلاه، وميّت حقّ أحياه، وحىّ باطل أرداه! وكم جاحم ضلالة أطفأ ناره، وناجم فتنة قلّم أظفاره، ومفلول سنّة أرهف شفاره، ومستباح حرمة حمى ذماره. فلله هذه المساعى الكريمة والمنازع القويمة، المتبلّجة عن ميمون النّقيبة ومحمود العزيمة؛ فقد تمثّل بها العهد الأوّل والقرن الأفضل الذى أخرج للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ والذى سطع هذا السّراج، وانتهج هذا المنهاج؛ فلا زالت الفتوح تتوالى عليه، وصنائع الله تتّصل لديه، إدالة من مشاقّيه وإذالة لمحاربيه، وإبادة لمناوئيه. وإن أجلّ هذه النعم فى الصدور، وأحقّها بالشكر الموفور؛ ما منّ الله به من سلامة مولاى التى هى جامعة لعزّ الدّين وصلاح كافّة المسلمين، بعد أن صلى من الحرب نيرانها، فكان أثّبت أركانها وأصبر أقرانها:
وقفت وما فى الموت شكّ لواقف ... كأنّك فى جفن الردى وهو نائم
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة ... ووجهك وضّاح وثغرك باسم
هنيئا لضرب الهام والمجد والعلا ... ووجهك والإسلام أنّك سالم