فلله الحمد والإبداع والإلهام، وله المنّة وعلينا متابعة الشكر والدوام. وقد فازت الكفّ الكليم، بأعلى قداح المكلوم لدى المقام الكريم؛ وإنها لهى التالية للإصبع الدامية فى المنزلة العالية.
بصرت بالراحة العليا [١] فلم ترها ... تنال إلا على جسر من التّعب
ومن كلام القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانىّ جواب كتاب ورد عليه يخبر فيه بانتصار المسلمين. ابتدأه بقوله عز وجل: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
. وصلت بشرى المجلس السامى- أعلاه الله وشيّده، وأسعده وأصعده، وشكر مشهده وأنجح مقصده، وملأ بالحسنات أمسه ويومه وغده، وأهلك وعادى أعداءه وحسّده، واجتبّ بسيفه زرع الكفّار وذراه وحصده- بما منّ الله سبحانه من نصرة المسلمين عند لقاء عدوّهم؛ وما وليهم الله من القوّة والإظهار، وما قذف فى قلوب الكفر من الخوف والحذار؛ وشرح القضيّة شرحا شرح الصدور، واستوى فيها الغيّاب مع الحضور؛ فكانت البشارة منه وكانت المباشرة له، وما كلّ من بشّر باشر، ولا كلّ من غار غاور؛ ولا كلّ من خبّر عن السيوف لقيها بوجهه، ولا كلّ من حدّث عن الرماح عانقها بصدره. فنفعه الله بالإسلام كما نفع الإسلام به، وأتمّ النعمة عليه كما أتمّها فيه؛ وتقبّل جهاده الذى جلا فيه الكربات، وابتغى فيه القربات. ويتوقّع إن هان العدوّ فى العيون، وظهر منه غير ما كان فى الظنون، أن يكسر الله بكم مصافّه، ويفتح عليكم بلاده، ويطهّر بسيوفكم الشام، ويسرّ بنصركم الإسلام، ويشرّف بيوم نصركم الأيّام. والخير يغتنم إذا عنّت فرصه، ويصاد إذا أمكن الصائد قنصه، والجهاد فرض على المطيق تقتضيه عزائمه ولا تقتضيه رخصه. وقد حضر المولى وحضر كلّ خير، وحضر من رأيه ما يكفى