خدمة يقتفى فيها أثر والده، ويجرى فى تبليغها على أجمل عوائده، ويستفتح فيها استفتاحا تحفّ به من هنا ومن هنا تحف محامده؛ ويصف ولاء قد جعله أجمل عقوده وأكمل عقائده، ويشفعهما بإخلاص قد جعله ميله أحسن وسائله وقلبه أزين وسائده؛ ويطلع العلم الكريم أن من سجايا المتعرّضين إلى الإعلان بشكر الله فى كلّ ما يعرض للمسلمين من نصر، ويفرض لهم من أجر غزوكم قعد عنه ملك فيما مضى من عصر؛ أن يقدروا تلك النعمة حقّ قدرها من التحدّث بنعمتها، والتنبيه لسماع نغمتها؛ وإرسال أعنّة الأقلام فى ميادين الطروس، وإدارة حرباء وصف خير حرب إلى مواجهة خير الشموس. ولما كانت غزوات مولانا السلطان ملك البسيطة الوالد- خلّد الله سلطانه- قد أصبحت ذكرى للبشر، ومواقفه للنصر فكم جاءت هى والقدر على قدر؛ وقد صارت سيرها وسيرها هذه شدو الأسمار، وهذه جادّة يستطيب منها حسن الحدو السّفّار، فكم قاتلت من يليها من الكفّار، وكم جعلت من يواليها وهو منصورها منصورا بالمهاجرين والأنصار. ولما أذلّ الله ببأسها طوائف التتار فى أقاصى بلاد العجم، وجعل حظّ قلوبهم الوجع من الخوف ونصيب وجهوهم الوجم، وأخلى الله من نسورهم الأوكار ومن أسودهم الأجم، وقصرت بهم هممهم حتى صاروا يخافون الصبح إذا هجم والظن اذا رجم، وصارت رؤية الدماء تفزعهم فلو احتاج أحدهم لتنقيص دم لمرض لأحجم من خوفه وما احتجم. وأباد الله الأرمن فحل بالنّيل منهم الويل، وما شمّر أحد من الجنود الإسلامية عن ساعد إلا وشمّر هو من الذّل الذّيل، ولا أثارت الجياد من الخيل عثيرا منعقدا إلا وظنّوه مساء قد أقبل أو ليل. وانتهت نوبة القتل بهم والإسار إلى «التّكفور ليفون» ملك الأرمن الذى كان يحمى سرحهم ويمرّد صرحهم، ويستنطق هتف التّتار ويسترجع صدحهم؛ وتعتزّ طرابلس الشأم بأنه خال إبرنسها الكافر، ولسان مشورته السفير ووجه تدبيره