للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكلّ الذى دون الممات قليل

وإن افتقادى واحدا بعد واحد ... دليل على ألّا يدوم خليل

وعزّى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه الأشعث بن قيس عن ابنه فقال:

إن تحزن فقد استحقّت ذلك منك الرّحم، وإن تصبر ففى الله خلف من كلّ هالك، مع أنك إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت موزور؛ سرّك الله وهو بلاء وفتنة، وحزنك وهو ثواب ورحمة.

وعزّى أكثم بن صيفىّ حكيم العرب عمرو بن هند الملك عن أخيه فقال: أيها الملك، إنّ أهل هذه الدار سفر لا يحلّون عقد الرحال إلا فى غيرها، وقد أتاك ما ليس بمردود عنك، وارتحل عنك ما ليس براجع إليك، وأقام معك من سيظعن ويدعك؛ فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم للقادر! وقد مضت لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء الفرع بعد أصله! واعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف منها، وخير من الخير معطيه، وشرّ من الشر فاعله.

وقال ابن السّماك: المصيبة واحدة، فإن كان فيها جزع فهى اثنتان. وقال أبو على الرّازى: صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا ولا متبسّما إلا يوم مات ابنه علىّ؛ فقلت له فى ذلك؛ فقال: إنّ الله أحبّ أمرا فأحببت ما أحبّ الله. وقال صالح المرّىّ: إن تكن مصيبتك فى أخيك أحدثت لك خشية فنعم المصيبة مصيبتك، وإن تكن مصيبتك بأخيك أحدثت لك جزعا فبئست المصيبة مصيبتك. وقال علىّ بن موسى للفضل بن سهل يعزّيه: التهنئة بآجل الثواب أولى من التّعزية على عاجل المصيبة. وعزّى الرشيد رجل فقال: كان لك الأجر يا أمير المؤمنين لا بك، وكان العزاء لك لا عنك. أخذه الآخر فقال:

كن المعزّى لا المعزّى به ... إن كان لا بدّ من الواحد