للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأثبت فى مستنقع الموت رجله ... وقال لها من تحت أخمصك الحشر

غدا غدوة والحمد نسج رداثه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر

تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى ... لها الليل إلا وهى من سندس خضر

كأنّ بنى نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خرّ من بينها البدر

يعزّون عن ثاو تعزّى به العلا ... ويبكى عليه الجود والبأس والشعر

وأنّى لهم صبر عليه وقد مشى ... إلى الموت حتى استشهدا هو والصّبر!

فتى كان عذب الروح لا عن غضاضة ... ولكنّ كبرا أن يكون له كبر [١]

فتى سلبته الحيل وهو حمى لها ... وبزّته نار الحرب وهو لها جمر

وقد كانت البيض المآثير فى الوغى ... بواتر فهى الآن من بعده بتر

أمن بعد طىّ الحادثات محمدا ... يكون لأثواب العلا أبدا نشر!

[إذا شجرات العرف جذّت أصولها ... ففى أىّ فرع يوجد الورق النّضر! [٢]]

لئن أبغض الدهر الخؤن لفقده ... لعهدى به ممّن يحبّ له الدهر

لئن غدرت فى الرّوع أيامه به ... لما زالت الأيام شميتها الغدر

لئن ألبست فيه المصيبة طيئ ... لما عرّيت منها تميم ولا بكر

كذلك ما ننفكّ نفقد هالكا ... يشاركنا فى فقده البدو والحضر

سقى الغيث غيثا وارت الأرض شخصه ... وإن لم يكن فيها سحاب ولا قطر

وكيف احتمالى للسّحاب صنيعة ... بإسقائها قبرا وفى لحده البحر

ثوى فى الثّرى من كان يحيا به الثّرى ... ويغمر صرف الدهر نائله الغمر


[١] رواية الديوان:
فتى كان عذب الروح لا من غضاضة ... ولكن كبرا أن يقال به كبر
[٢] زيادة من الديوان.