للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة ... غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

عليك سلام الله وقفا فإننى ... رأيت الكريم الحرّ ليس له عمر

وقال يرثى إدريس بن بدر السّامىّ:

دموع أجابت داعى الحزن همّع ... توصّل منا عن قلوب تقطّع

عفاء على الدنيا طويل فإنها ... تفرّق من حيث ابتدت تتجمّع

تبدّلت الأشياء حتى لخلتها ... ستثنى غروب الشمس من حيث تطلع

لها صيحة فى كل روح ومهجة ... وليست لشىء ما خلا القلب تسمع

أإدريس ضاع المجد بعدك كلّه ... ورأى الذى يرجوه بعدك أضيع

وغودر وجه العرف أسود بعد ما ... يرى وهو كالبكر الكعاب تصنّع

وأصبحت الأحزان لا لمبرّة ... تسلّم شزرا والمعالى تودّع

وضلّ بك المرتاد من حيث يهتدى ... وضرّت بك الأيام من حيث تنفع

وأضحت قريحات القلوب من الجوى ... تقيظ [١] ولكن المدامع تربع [٢]

عيون حفظن الليل فيك محرّما ... وأعطينك الدمع الذى كان يمنع

وقد كان يدعى لابس الصبر حازما ... فأصبح يدعى حازما حين يجزع

وقالوا عزاء: ليس للموت مدفع ... فقلت: ولا للحزن للمرء مدفع

لإدريس يوم ما تزال لذكره ... دموعى وإن سكّنتها تتفرّع

ولما نضا ثوب الحياة وأوقعت ... به نائبات الدهر ما يتوقّع

غدا ليس يدرى كيف يصنع معدم ... درى دمعه من وجده كيف يصنع

وماتت نفوس الغالبيّين كلهم ... وإلا فصبر الغالبيّين أجمع


[١] تقيظ: يشتد حرها. وفى الأصل والديوان: «تقاظ» .
[٢] تربع: تخصب.