للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإجمال فى الدرجة الثانية: أن يزهد فى كل صفة للنفس فيها متعة، وهذا يتناول جميع مقتضيات الطبع من الشهوة والغضب والكبر والرياسة والمال والجاه وغير ذلك.

وفى الدرجة الثالثة: أن يزهد فى المال والجاه وأسبابهما، إذ إليهما ترجع جميع حظوظ النفس.

وفى الدرجة الرابعة: أن يزهد فى العلم والقدرة والدينار والدرهم [والجاه [١]] ، إذ الأموال وإن كثرت أصنافها فيجمعها الدينار والدرهم، والجاه وإن كثرت أسبابه فيرجع إلى العلم والقدرة. قال: وأعنى به كلّ علم وقدرة مقصودهما ملك القلوب؛ إذ معنى الجاه هو ملك القلوب والقدرة عليها، كما أن معنى المال ملك الأعيان والقدرة عليها. قال: فإن جاوزت هذا التفصيل إلى شرح وتفصيل أبلغ من هذا فتكاد تخرج ما فيه الزهد عن الحصر. وقد ذكر الله تعالى فى آية واحدة سبعة منها فقال:

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا

. ثم ردّه فى آية أخرى إلى خمسة فقال: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ

. ثم ردّه فى موضع آخر إلى اثنين فقال: وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى

؛ فالهوى لفظ يجمع جميع حظوظ النفس فى الدنيا، فينبغى أن يكون الزهد فيه.

قال: فالحاصل أن الزهد عبارة عن الرغبة عن حظوظ النفس كلّها.


[١] زيادة عن الإحياء.