للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك يخرج بالكلّيّة عن درجات التوكّل كلّها، وهو الذى الناس كلّهم فيه من التكسّب بالحيل الدقيقة اكتسابا مباحا لمال مباح. هذا ملخص ما أورده رحمه الله تعالى فى جلب النافع، وذكر لذلك أمثلة ونظائر تركناها اختصارا.

وأمّا حفظ النافع فهو التعرض لأسباب الادّخار، فمن حصل له مال بإرث أو كسب أو سؤال أو سبب من الأسباب فله فى الادّخار ثلاث أحوال:

الأولى: أن يأخذ قدر حاجته فى الوقت فيأكل إن كان جائعا، ويلبس إن كان عاريا، ويشترى مسكنا مختصرا إن كان محتاجا، ويفرّق الباقى فى الحال ولا يدّخر منه إلا ما أرصده لمحتاج؛ فهذا هو الموفى بموجب التوكّل تحقيقا، وهى الدرجة العليا.

الحالة الثانية المقابلة لهذه المخرجة له عن حدود التوكّل: أن يدّخر لسنة فما فوقها، فهذا ليس من المتوكّلين أصلا.

الحالة الثالثة: أن يدّخر لأربعين يوما فما دونها، فهذا يوجب حرمانه من المقام المحمود الموعود فى الآخرة للمتوكّلين. وقال الخوّاص: لا يخرج بأربعين يوما ويخرج بما زاد عليها.

وامّا دفع الضارّ عن النفس والمال فقد قال الغزالىّ رحمه الله: ليس من شرط التوكل ترك الأسباب الدافعة للضرر. أمّا فى النفس فكالنوم فى الأرض المسبعة أو فى مجارى السيل من الوادى أو تحت الجدار المائل أو السقف المتكسّر، فإنّ ذلك منهىّ عنه وصاحبه قد عرّض نفسه إلى الهلاك بغير فائدة. وأمّا فى المال فلا ينقص التوكّل إغلاق باب البيت عند الخروج منه ولا أن يعقل البعير. فهذه أسباب عرفت بسنّة الله تعالى، فقد

روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه