للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم فى الآثام، فلا يكوننّ لك بطانة، فإنهم أعوان الأثمة وإخوان الظّلمة. [وأنت واجد منهم خير الخلف] ممن له مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم، ممن لم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على إثمه، أولئك أخفّ عليك مؤنة وأحسن لك معونة [١] ، وأحنى عليك عطفا وأقلّ لغيرك إلفا، فاتّخذ أولئك خاصّة لخلواتك وحفلاتك. ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم للحق، وأقلّهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله تعالى لأوليائه [٢] واقعا من هواك [حيث وقع] . ثم رضهم على ألّا يطروك ولا يبجّحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزّهو وتدنى إلى العزّة. ولا يكوننّ المحسن والمسىء عندك بمنزلة واحدة، فإن فى ذلك تزهيدا لأهل الإحسان فى الإحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة، وألزم كلّا منهم ما ألزم نفسه. واعلم أنه ليس شىء أدعى إلى حسن ظن وال برعيّته من إحسانه إليهم وتخفيف المؤنات عنهم وترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم. وليكن منك فى ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظنّ برعيّتك، فإنّ حسن الظنّ يقطع عنك نصبا طويلا. وإن أحقّ من حسن ظنّك به من حسن بلاؤك عنده، [وإن أحقّ من ساء ظنّك به لمن ساء بلاؤك عنده] .

ولا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعيّة، ولا تحدثنّ سنّة تضرّ بشىء من ماضى تلك السنن، فيكون الأجر لمن سنّها، والوزر عليك بما نقضت منها. وأكثر [٣] مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء فى تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك. واعلم أنّ الرعيّة طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، [ولا غنى ببعضها عن بعض] ، فمنها جنود


[١] كذا فى نهج البلاغة، وفى الأصل «معاونة» .
[٢] كذا فى نهج البلاغة، وفى الأصل «مما كره الله لأولئك ... » وهو تحريف.
[٣] كذا فى نهج البلاغة، وفى الأصل «ولكن ... » وهو تحريف.