للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهم بطر [١] فإنك لا تعذر بتضييع [ك التافه لإحكامك] الكثير المهمّ، فلا تشخص همّك عنهم ولا تصعّر خدّك لهم؛ وتفقّد أمور من لا يصل إليك [منهم] ممن تقتحمه العيون وتحقره الرجال، ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع، فليرفع إليك أمورهم؛ ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله سبحانه وتعالى يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم. وكلّ فأعذر إلى الله تعالى فى تأدية حقّه إليه [٢] .

وتعهّد أهل اليتم وذوى الرّقّة فى السنّ ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسئلة نفسه. وذلك على الولاة ثقيل؛ [والحق كله ثقيل] وقد يخفّفه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم.

واجعل لذوى الحاجات منك قسما تفرّغ لهم [فيه شخصك] وتجلس لهم فيه مجلسا عامّا فتتواضع فيه لله الذى خلقك وتبعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك حتى يكلّمك متكلّمهم غير متعتع [٣]

فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى غير موطن: «لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضعيف فيها [٤] [حقّه] من القوىّ غير متعتع»

. ثم احتمل الخرق منهم والعىّ، ونحّ عنك الضّيق والأنف يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته ويوجب لك ثواب طاعته، وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع فى إجمال وإعذار.

ثم أمور من أمورك لا بدّ [لك] من مباشرتها: منها إجابة عمّالك بما لا يغنى عنه كتّابك، ومنها إصدار حاجات الناس عند ورودها عليك مما تحرج به صدور أعوانك.

وأمض لكلّ يوم عمله فإن لكلّ يوم ما فيه. واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله


[١] كذا فى نهج البلاغة؛ وفى الأصل: «فلا يشغلنك عنهم نظر ... » .
[٢] كذا فى نهج البلاغة؛ وفى الأصل: «فى تأدية حقه اليك ... » .
[٣] التعتعة فى الكلام:
التردد فيه من عجز وعىّ والمراد أنه غير خائف، تعبيرا باللازم.
[٤] كذا فى نهج البلاغة؛ وفى الأصل:
«لم يؤخذ للضعيف منها ... » الخ.