للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطيعة، ولا يطمعنّ [من] ك [فى] اعتقاد عقدة تضرّ [١] بمن يليها من [الناس فى] شرب أو عمل مشترك يحملون مؤنته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك فى الدنيا والآخرة.

وألزم الحقّ من لزمه من القريب والبعيد، وكن فى ذلك صابرا محتسبا واقعا ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع؛ وابتغ [٢] عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبّة ذلك محمودة. وإن ظنّت الرعيّة بك حيفا فأصحر [٣] لهم بعذرك واعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإن فى ذلك إعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحقّ.

ولا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوّك [و] لله فيه رضا، فإن فى الصلح دعة لجنودك وراحة من همومك وأمنا لبلادك. ولكن احذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه، فإن العدوّ ربما قارب ليتغفّل، فخذ بالحزم واتّهم فى ذلك حسن الظن. فإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة وألبسته منك ذمّة فحط عهدك بالوفاء وارع ذمّتك بالأمانة واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شىء الناس [٤] أشدّ عليه اجتماعا مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود؛ وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا [٥] من عواقب الغدر. فلا تغدرنّ بذمّتك ولا تخيسنّ بعهدك ولا تختلنّ عدوّك، فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقىّ.

وقد جعل الله عهده وذمّته أمنا قضاه بين العباد برحمته، وحرما يسكنون إلى منعته ويستفيضون إلى جواره، فلا إدغال ولا مدالسة [٦] ولا خداع فيه. ولا تعقد عقدا


[١] كذا فى نهج البلاغة: وفى الأصل: «ولا تطمعنّ فيك اعتقاد عقدة فيضر ... » وهى مضطربة النسج ولا تؤدى المعنى المراد. والعقدة: الضّيعة، واعتقادها: امتلاكها واقتناؤها.
[٢] كذا فى نهج البلاغة وفى الأصل: «واتبع ... » وهو تحريف.
[٣] الإصحار بالأمر: إظهاره.
[٤] كذا فى نهج البلاغة وفى الأصل: «فانه ليس من فرائض الله شىء إلا الناس ... الخ» .
[٥] كذا فى نهج البلاغة. واستوبل الشىء اذا تركه لو خامنه وان كان محبّا له، وفى الأصل «لما استولوا عليه ... » .
[٦] كذا فى نهج البلاغة «والمدالسة» : الخيانة، وفى الأصل «مخالة» .