للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجوز فيه العلل. ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة. ولا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحقّ، فإنّ صبرك على ضيق ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته وأن تحيط بك من الله طلبة فلا تستقيل فيها [١] دنياك ولا آخرتك.

إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها، فإنه ليس شىء أدعى لنقمة ولا أعظم تبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم [بين العباد] فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة؛ فلا تقوّينّ [٢] سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله. فلا عذر لك عند الله ولا عندى فى قتل العمد، لإن فيه قود البدن. فإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك [أو سيفك] أو يدك بعقوبة؛ فإن فى الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّى إلى أولياء المقتول حقّهم.

وإيّاك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحبّ الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان فى نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين.

وإيّاك والمنّ على رعيتك بإحسانك، والتزيّد فيما كان [من فعلك] ، وأن تعدهم فتتبع موعدك بخلف، فإن المنّ يبطل الإحسان، والتزيّد يذهب بنور الحق، والخلف يوجب المقت عند الله والناس. قال الله تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ.


[١] كذا فى نهج البلاغة وعليه يكون معنى الجملة: لا تطلب أن تقال منها لا فى دنياك ولا فى آخرتك.
وفى الأصل: لا تستقلّ دنياك ولا آخرتك. وهذه العبارة غير واضحة المعنى الا اذا زيدت عليها كلمة بها، والمراد لا تقوم بحملها دنياك ولا آخرتك. والطلبة اسم من المطالبة.
[٢] كذا فى نهج البلاغة، وفى الأصل «فلا تقومن» .